صفحة جزء
1759 - أخبرنا أبو الحسن عبد الوهاب بن محمد الكسائي، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال، نا أبو العباس الأصم، أنا الربيع، أنا الشافعي، أنا عبد الوهاب، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن شداد بن أوس، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم زمان الفتح، فرأى رجلا يحتجم لثمان عشرة خلت من رمضان، فقال وهو آخذ بيدي: "أفطر الحاجم والمحجوم". [ ص: 303 ] .

وقد روى هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رافع بن خديج، وثوبان، روي عن أحمد بن حنبل، أنه قال: أصح شيء في هذا الباب حديث [ ص: 304 ] رافع بن خديج، وقال علي بن عبد الله: أصح شيء في هذا الباب حديث ثوبان، وشداد بن أوس.

وتأول بعض من رخص فيها هذا الحديث، فقال: معنى قوله: "أفطر الحاجم والمحجوم"، أي: تعرضا للإفطار، أما المحجوم فللضعف الذي يلحقه منها، وأما الحاجم فلما لا يؤمن أن يصل إلى جوفه شيء من الدم إذا ضم شفتيه على قصب الملازم، كما يقال لمن يتعرض للمهالك: قد هلك فلان، وإن لم يكن قد هلك.

وحمل بعض من كرهها، ولم يحكم ببطلان الصوم هذا على التغليط لهما، والدعاء عليهما، كقوله عليه السلام فيمن صام الدهر: "لا صام ولا أفطر"، فيكون على هذا التأويل معنى قوله: "أفطر الحاجم والمحجوم"، أي: بطل أجر صيامهما.

وقيل في تأويله: إنه مر بهما مساء، فقال: "أفطر الحاجم والمحجوم"، كأنه عذرهما بهذا القول إذ كانا قد أمسيا ودخلا في وقت الفطر، كما يقال: أصبح الرجل وأمسى وأظهر، إذا دخل في هذه الأوقات.

وقيل: معناه حان لهما أن يفطرا، كما يقال: أحصد الزرع: إذا حان أن يحصد، وأركب المهر: إذا حان أن يركب، هذه التأويلات ذكرها أبو سليمان الخطابي في كتابه. [ ص: 305 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية