صفحة جزء
2183 - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي ، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم . ح

وأخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، ومحمد بن أحمد العارف ، قالا: أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، نا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، أنا مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، " أن عبد الله ، وعبيد الله ، ابني عمر بن الخطاب ، خرجا في جيش إلى العراق ، فلما قفلا، مرا على عامل لعمر فرحب بهما وسهل، وهو أمير البصيرة، فقال: لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به لفعلت، ثم قال: بلى، ههنا مال من مال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين، فأسلفكماه فتبتاعان متاعا من متاع العراق ، ثم تبيعانه بالمدينة ، فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين، ويكون لكما الربح، فلما قدما المدينة ، باعا، فربحا، فلما دفعاها إلى عمر ، قال لهما: أكل الجيش قد أسلف كما أسلفكما؟ قالا: لا، [ ص: 260 ] فقال عمر : ابنا أمير المؤمنين، فأسلفكما، أديا المال وربحه، فأما عبد الله فسكت، وأما عبيد الله ، فقال: ما ينبغي لك هذا يا أمير المؤمنين، لو هلك المال أو نقص، لضمناه، فقال: أدياه، فسكت عبد الله ، وراجعه عبيد الله ، فقال رجل من جلساء عمر ، يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضا، فقال عمر : قد جعلته قراضا، فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه، وأخذ عبد الله ، وعبيد الله ، نصف ربح ذلك المال ".

قال الإمام: وحديث المساقاة يدل على جواز مساقاة المسلم الذمي، وكذلك المزارعة، واستدل به بعضهم على جواز مضاربة المسلم الكافر، لأن المال فيهما في أحد الشقين، والعمل في الشق الآخر، ومنهم من كره مضاربة المسلم الذمي بخلاف المساقاة والمزارعة، لأن العمل فيهما يتفق من المسلم والذمي ، وفي المضاربة قد يتصرف الذمي في الخمر والخنزير، ويعامل بالربا، فيكره معه لهذا. [ ص: 261 ] .

قوله: "ولهم شطر ما يخرج منها" وروى محمد بن عبد الرحمن ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال: "ولرسول الله صلى الله عليه وسلم شطر ثمرها"، وفيه دليل على أن رب الأرض إذا بين حصة نفسه، أو في المضاربة بين رب المال حصة نفسه ، كان الباقي للعامل، كما لو بين حصة العامل كان الباقي لرب الأرض والمال ، وقال بعض أهل العلم: إذا بين حصة نفسه، لم يكن الباقي للعامل، ولا يصح حتى يبين حصة العامل.

واختلف أهل العلم في المضارب إذا خالف رب المال، فروي عن ابن عمر ، أنه قال: الربح لرب المال ، وعن أبي قلابة ونافع : الربح لرب المال والعامل ضامن للمال ، وبه قال أحمد ، وإسحاق ، وكذلك قال أحمد في المودع إذا اتجر في مال الوديعة بغير إذن المالك ، وقال أصحاب الرأي: الربح للعامل، ويتصدق به، والوضيعة عليه، وهو ضامن لرأس المال ، وبه قال الأوزاعي ، وقال الشافعي : إن اشترى بعين مال القراض، فالشراء فاسد ، وإن اشترى في الذمة، فهو للمشتري، فإن صرف مال القراض إليه صار ضامنا.

التالي السابق


الخدمات العلمية