صفحة جزء
2309 - وأخبرنا محمد بن الحسن، أنا أبو العباس الطحان، أنا أبو أحمد محمد بن قريش بن سليمان، أنا علي بن عبد العزيز، أنا أبو عبيد، قال: حدثنيه إسماعيل بن جعفر، وإسماعيل بن علية، وهشيم كلهم، عن حميد، [ ص: 134 ] عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن وضرا من الألوان، فقال: "مهيم؟"، قال: تزوجت امرأة من الأنصار على نواة من ذهب، فقال: "أولم ولو بشاة".

هذا حديث متفق على صحته.

قوله : وضرا ، أي : لطخا من طيب له لون ، ويكون الوضر من الصفرة ، والحمرة والطيب ، ويقال : وضر الإناء يوضر : إذا اتسخ ، وقوله : مهيم ، أي : ما أمرك وما شأنك ، وما هذا الذي أرى بك ، كلمة يمانية ، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عبد الرحمن بن عوف وعليه ردع زعفران ، أي : أثر لونه ، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم مع نهيه عليه السلام أن يتزعفر الرجل ، قال أبو سليمان الخطابي : يشبه أن يكون ذلك شيئا يسيرا ، فرخص له فيه لقلته ، قال الإمام : وقد رخص فيه بعضهم للمتزوج .

وقوله : على وزن نواة من ذهب .

قال الشافعي : هي ربع النش ، والنش : نصف الأوقية ، قال أحمد : هي وزن ثلاثة دراهم وثلث ، وقال إسحاق ، هي وزن خمسة دراهم من ذهب ، وهو كما قال الشافعي ، فهي اسم معروف لمقدار معلوم ، فهي كالأوقية اسم لأربعين درهما ، والنش لعشرين درهما ، وذهب بعضهم إلى أنه كان تزوجها على قدر نواة من ذهب قيمتها خمسة دراهم ، وليس بصحيح . [ ص: 135 ] .

وقوله : " بارك الله لك" دليل على استحباب الدعاء للمتزوج ، وروي عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفأ الإنسان إذا تزوج ، قال : " بارك الله لك ، وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير" ، قوله : رفأ .

يريد هنأه ، ودعا له ، ومعناه الموافقة ، ومنه رفو الثوب ، وكان من عاداتهم أن يقولوا له : بالرفاء والبنين ، وقد ورد النهي عن هذه اللفظة .

وفي الحديث أمر بالوليمة ، وهي طعام الإملاك ، وظاهر الحديث يدل على وجوبها ، والأكثرون على أن ذلك سنة مستحبة ، والتقدير بالشاة لمن أطاقها ، وليس على الحتم ، فقد صح عن صفية بنت شيبة ، قالت : " أولم النبي صلى الله عليه وسلم على بعض نسائه بمدين من شعير" .

وعن أنس: "أن رسول [ ص: 136 ] الله صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وتزوجها، وجعل عتقها صداقها، وأولم عليها بحيس".

وروي عن أنس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على صفية بسويق، وتمر".

التالي السابق


الخدمات العلمية