صفحة جزء
باب التعزير.

2609 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، نا عبد الله بن يوسف ، نا الليث ، حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن بكير بن عبد الله ، عن سليمان بن يسار ، عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله ، عن أبي بردة ، كان النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول: " لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله " .

هذا حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم ، عن أحمد بن عيسى ، عن ابن وهب ، عن عمرو ، عن بكير بن الأشج ، وأبو بردة هو أبو بردة بن نيار الأنصاري .

قال الإمام: الحد في اللغة: المنع، والحداد: الحاجب يمنع الناس من الدخول، والتعزير أيضا: المنع، يقال: حد الجاني: إذا ضربه فمنعه بالضرب عن معاودة مثل ما فعل.

وحدود الله تعالى ضربان: أحدهما: ما لا يقرب كالزنا وما أشبهه، قال الله سبحانه وتعالى: ( تلك حدود الله فلا تقربوها ) . [ ص: 344 ] .

والثاني: ما لا يتعدى كتزوج الأربع وما أشبهه، قال الله تعالى: ( تلك حدود الله فلا تعتدوها ) .

قال الإمام: اختلف أهل العلم في مقدار التعزير، فكان أحمد يقول: للرجل أن يضرب عبده على المعصية، وترك الصلاة، ولا يضرب فوق عشر جلدات، وكذلك قال إسحاق بن راهويه ، وقال الشعبي : التعزير ما بين سوط إلى ثلاثين، وقال الشافعي : لا يبلغ بعقوبة أربعين تقصيرا عن مساواة عقوبة الله في حدوده.

وبه قال أبو حنيفة ، وتأول بعض أصحاب الشافعي قوله في جواز الزيادة على الجلدات العشر إلى ما دون الأربعين أنها لا تزاد على العشر بالأسواط، ولكن بالأيدي، والنعال، والثياب، ونحوها على ما يراه الإمام.

وقال بعضهم: لا يبلغ عشرين، لأنها أقل الحدود، وذلك أن حد العبيد في الخمر عشرون.

وقال أبو يوسف : التعزير على قدر عظم الذنب وصغره، على ما يرى الحاكم من احتمال المضروب فيما بينه وبين أقل من ثمانين.

وقال ابن أبي ليلى : إلى خمسة وسبعين سوطا، وقال مالك : التعزير على قدر الجرم، فإن كان جرمه أعظم من القذف، ضربه مائة وأكثر، وكذلك قال أبو ثور : إنه على قدر الجناية وتسارع الفاعل في الشر، فإن جاوز الحد مثل أن يقتل عبده، أو يقطع منه عضوا، فتكون العقوبة فيه على قدر ذلك.

مذهب أكثر الفقهاء أنه أدب يقصر عن مبلغ أقل الحدود؛ لأن الجناية الموجبة للتعزير قاصرة عما يوجب الحد، كما أن الحكومة الواجبة بالجناية على العضو، وإن قبح شينها تكون قاصرة عن كمال دية ذلك العضو. [ ص: 345 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية