صفحة جزء
2746 - أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أنا عبد الغافر بن محمد، أنا محمد بن عيسى، نا إبراهيم بن محمد بن سفيان، نا مسلم بن حجاج، نا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، أنا يحيى بن حسان، نا حماد بن سلمة، أنا ثابت، عن عبد الله بن رباح، قال: قلت: يا أبا هريرة، لو حدثتنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، فجعل خالد بن الوليد على المجنبة اليمنى، وجعل الزبير على المجنبة اليسرى، وجعل أبا عبيدة على البياذقة وبطن الوادي، فقال: "يا أبا هريرة، ادع لي الأنصار"، فدعوتهم، فجاؤوا يهرولون، فقال: يا معشر الأنصار، هل ترون أوباش قريش؟ قالوا: نعم، قال: " انظروا إذا لقيتموهم غدا أن تحصدوهم حصدا، وقال: موعدكم الصفا "، قال: فما أشرف لهم يومئذ [ ص: 152 ] أحد إلا أناموه، قال: وصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفا، وجاءت الأنصار، وأطافوا بالصفا، فجاء أبو سفيان، فقال: يا رسول الله، أبيدت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن"، فقالت الأنصار: أما الرجل، فقد أخذته رأفة بعشيرته، ورغبة في قريته، ونزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قلتم: أما الرجل، فقد أخذته رأفة بعشيرته، ورغبة في قريته، ألا فما اسمي إذا ( ثلاث مرات ) أنا محمد عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله، وإليكم، فالمحيا محياكم، والممات مماتكم "، قالوا: والله ما قلنا إلا ضنا بالله ورسوله، قال: "فإن الله ورسوله يصدقانكم، ويعذرانكم". [ ص: 153 ] .

هذا حديث صحيح.

قوله : المجنبة اليمنى ، قيل : هي الميمنة ، والمجنبة اليسرى : هي الميسرة ، وقال ابن الأعرابي : أرسلوا مجنبتين ، أي : كتيبتين أخذتا ناحيتي الطريق .

قال الإمام : اختلف أهل العلم في فتح مكة أنه كان صلحا ، أما عنوة ؟ فذهب الأوزاعي ، وأصحاب الرأي ، وأبو عبيد ، إلى أنها فتحت عنوة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار : " انظروا إذا لقيتموهم غدا أن تحصدوهم حصدا " .

وذهب قوم إلى أنها فتحت صلحا ، وإليه ذهب الشافعي ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بذل لهم الأمان بقوله : " من ألقى السلاح فهو آمن ، ومن أغلق بابه ، فهو آمن " ، وجملة الأمر في فتح مكة أنه لم يكن أمرا منبرما في أول ما بذل لهم الأمان ، ولكنه كان أمرا مترددا بين أن يقبلوا الأمان ، ويمضوا على الصلح ، وبين أن يردوا الأمان ، ويحاربوا ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم أهبة القتال ، ودخل مكة على رأسه المغفر ، إذ لم يكن من أمرهم على يقين ، ولا من وفائهم على ثقة ، إلى أن ظهر من أمرهم قبول الأمان ، والثبات على الصلح ، فالالتباس في أمرها إنما كان من أجل التردد في الابتداء .

واختلف أهل العلم في بيع رباع مكة ، وملكها ، وكراء بيوتها ، فذهب جماعة إلى أنها مملوكة لأربابها يجوز بيعها وكراؤها ، روي أن عمر ابتاع دارا للسجن بأربعة آلاف ، وهو قول طاوس ، وعمرو [ ص: 154 ] بن دينار ، وإليه ذهب الشافعي ، واحتج بقول الله سبحانه وتعالى : ( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم ) ، فالله عز وجل أضاف الديار إليهم ، والإضافة دليل الملك .

وروي عن أسامة بن زيد ، أنه قال زمن الفتح : يا رسول الله ، أين ننزل غدا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " وهل ترك لنا عقيل من منزل " .

التالي السابق


الخدمات العلمية