صفحة جزء
2817 - وقال أصبغ، أخبرني ابن وهب، عن جرير بن حازم، [ ص: 263 ] عن أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، نا سلمان بن عامر الضبي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مع الغلام عقيقة، فأهريقوا عنه دما، وأميطوا عنه الأذى".

هذا حديث صحيح.

قال الإمام : العقيقة اسم للشاة التي تذبح على ولادة الولد ، واختلفوا في اشتقاقها ، فقال بعضهم : هي اسم للشعر الذي يحلق من رأس الصبي عند ولادته ، فسميت الشاة عقيقة على المجاز ، إذ كانت إنما تذبح عند حلاق الشعر ، وقيل : هي اسم للشاة حقيقة ، سميت بها ، لأنها تعق مذابحها ، أي : تشق وتقطع ، والعق : الشق ، ومنه عقوق الولد أباه ، وهو جفوته وقطيعته ، وأراد بإماطة الأذى عنه : حلق رأسه .

والعقيقة سنة عند أكثر أهل العلم إلا أصحاب الرأي ، فإنهم قالوا : ليست بسنة ، واحتجوا بما روي عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن العقيقة ، فقال : " لا يحب الله العقوق " ، وليس هذا الحديث عند العامة على توهين أمر العقيقة ، [ ص: 264 ] ولكنه كره تسميتها بهذا الاسم على مذهبه في تغيير الاسم القبيح إلى ما هو أحسن منه ، فأحب أن يسميها بأحسن منه من نسيكة ، أو ذبيحة ، أو نحوها .

وقد روي في هذا الحديث : " لا أحب العقوق ، ولكن من ولد له ولد ، فأحب أن ينسك عنه فليفعل " ، وقال الحسن : إذا علمت أنه لم يعق عنك ، فعق عن نفسك ، وقال ابن سيرين : عققت عن نفسي ببختية بعد أن كنت رجلا ، وكان أنس يعق عن ولده الجزر .

واختلفوا في التسوية بين الغلام والجارية ، فكان الحسن وقتادة لا يريان عن الجارية عقيقة ، وذهب قوم إلى التسوية بينهما عن كل واحدة بشاة واحدة ، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم " عق عن الحسن بشاة " .

وعن ابن عمر [ ص: 265 ] كان يعق عن ولده بشاة شاة للذكور والإناث .

ومثله عن عروة بن الزبير ، وهو قول مالك .

وروي عن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت تعق عن بنيها وبني بنيها شاة شاة الذكر والأنثى ، ثم تصنع أطيب ما تقدر عليه من الطعام ، وتدعو إليه .

وذهب جماعة إلى أن يذبح عن الغلام شاتين ، وعن الجارية شاة واحدة ، وهو قول عائشة ، وبه قال عطاء ، وإليه ذهب الشافعي ، لما .

التالي السابق


الخدمات العلمية