صفحة جزء
3006 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسن الميربندكشائي ، أنا أبو سهل محمد بن عمر السجزي، أنا أبو سليمان الخطابي، أنا أبو بكر محمد بن زكريا بن داسة، نا أبو داود السجستاني، نا هارون بن عبد الله، نا الفضل بن دكين، نا عقبة بن وهب بن عقبة العامري، قال: سمعت أبي، يحدث عن الفجيع العامري، أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما يحل لنا من الميتة؟ قال: "ما طعامكم؟" قلنا: نغتبق، ونصطبح، قال أبو نعيم: فسره لي عقبة: قدح غدوة، وقدح عشية.

قال: "ذلك وأبي الجوع، فأحل لهم الميتة" على هذه الحال.


قال أبو سليمان الخطابي : الغبوق : العشاء ، والصبوح : الغداء ، والقدح من اللبن بالغداة ، والقدح بالعشي يمسك الرمق ويقيم النفس ، [ ص: 346 ] وإن كان لا يشبع الشبع التام ، وقد أباح لهم مع ذلك تناول الميتة ، فكان دلالته أن تناول الميتة مباح إلى أن تأخذ النفس حاجتها من القوت ، وتشبع ، وإلى هذا ذهب مالك بن أنس ، وهو أحد قولي الشافعي ، لأن الحاجة منه قائمة إلى الطعام .

وقال أبو حنيفة : لا يجوز أن يتناول منه إلا قدر ما يمسك رمقه وهو القول الآخر للشافعي ، وإليه ذهب المزني ، وذلك لأنه لو كان في الابتداء بهذه الحال ، لم يجز له أن يأكل شيئا منها ، فكذلك إذا بلغها بعد تناولها ، وروي نحو هذا عن الحسن البصري ، وقال قتادة : لا يتضلع منها .

قال الإمام الحديث يدل على أن المضطر إذا وجد من الطعام المباح ما يمسك رمقه ، فتناوله ، ولم يحصل منه الشبع ، جاز له تناول الميتة أيضا حتى يشبع ، لأن القدح من اللبن بالغداة ، والقدح بالعشي يمسك رمقه ، ومع ذلك أباح له الميتة ، فأما من كان محتاجا إلى الطعام ، ولم يبلغ حالة الاضطرار بأن كان لا يخاف على نفسه التلف ، فاتفقوا على أنه لا يحل له تناول الميتة ، وقال مالك : المضطر إلى الميتة يأكل منها حتى يشبع ويتزود منها ، فإن وجد عنها غنى ، طرحها .

التالي السابق


الخدمات العلمية