صفحة جزء
3793 - أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا خلاد بن يحيى ، نا عبد الواحد بن أيمن، عن أبيه، قال: أتيت جابر بن عبد الله ، فقال: " إنا يوم الخندق نحفر، فعرضت كدية شديدة، فجاؤوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، فقال: أنا نازل، ثم قام وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعول فضرب، فعاد كثيبا أهيل، أو [ ص: 6 ] أهيم، فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ائذن لي إلى البيت، فقلت لامرأتي: رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم شيئا ما في ذلك صبر، فعندك شيء؟ قالت: عندي شعير، وعناق، فذبحت العناق، وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم في البرمة، ثم جئت النبي صلى الله عليه وسلم والعجين قد انكسر، والبرمة بين الأثافي قد كادت أن تنضج، فقلت: طعيم لي، فقم أنت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل أو رجلان، فقال: كم هو؟ فذكرت له، فقال: " كثير طيب"، قال: قل لها: "لا تنزع البرمة ولا الخبز من التنور حتى آتي"، قال: "قوموا"، فقام المهاجرون، فلما دخل على امرأته، قال: ويحك جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالمهاجرين والأنصار ومن معهم، قالت: هل سألك؟ قلت: نعم، فقال: " ادخلوا ولا تضاغطوا، فجعل يكسر الخبز، ويجعل عليه اللحم، ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه، ويقرب إلى أصحابه، ثم ينزع، فلم يزل يكسر ويغرف حتى شبعوا، وبقي بقية ، قال: "كلي وأهدي، فإن الناس أصابتهم مجاعة".

ورواه سعيد بن ميناء ، عن جابر ، وقال: ذبحنا بهيمة وطحنت صاعا من شعير، وقال: وهم ألف، فأقسم بالله [ ص: 7 ] لأكلوا حتى تركوه.

هذا حديث متفق على صحته وأخرجه مسلم من طريق آخر، عن سعيد بن ميناء ، عن جابر .

قوله: فعرضت كدية، أي: قطعة غليظة صلبة لا يعمل فيها الفأس والمعول، ومنه قوله سبحانه وتعالى: ( وأعطى قليلا وأكدى ) أي: قطع العطاء، يقال: أكدى الحافر: إذا بلغ الكدية، فقطع الحفر.

وقوله: أهيل، الأهيل والهيال: السيال، ومنه قوله سبحانه وتعالى: ( كثيبا مهيلا ) أي: مصبوبا سائلا، يقال: تهيل الرمل: إذا سال، ومن روى: أهيم، يقال: كثيب أهيم، وكثبان هيم، والهيم: الرمال التي لا يرويها ماء السماء، وبه فسر بعضهم قوله سبحانه وتعالى: ( فشاربون شرب الهيم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية