صفحة جزء
باب وعيد من يأمر بالمعروف ولا يأتيه .

قال الله سبحانه وتعالى: ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ) ، وقال سبحانه وتعالى: ( لم تقولون ما لا تفعلون ) ، وقال عز وجل إخبارا عن شعيب عليه السلام: ( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ) أي: لست أنهاكم عن شيء وأدخل فيه، وقال سبحانه وتعالى: ( إليه يصعد الكلم [ ص: 351 ] الطيب والعمل الصالح يرفعه ) ، قال الضحاك بن مزاحم : "العمل الصالح يرفع الكلام الطيب إلى الله، فإذا كان كلام طيب وعمل سيئ رد القول على العمل"، وقال قتادة : " ( والعمل الصالح يرفعه ) قال: يرفع الله العمل الصالح لصاحبه ".

4158 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا علي ، نا سفيان ، نا الأعمش ، عن أبي وائل ، قال: قيل لأسامة لو أتيت فلانا، فكلمته قال: إنكم لترون أني لا أكلمه إلا سمعكم أني أكلمه في السر دون أن أفتح بابا لا أكون أول من فتحه، ولا أقول لرجل إن كان علي أميرا: إنه خير الناس بعد شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: وما سمعته يقول؟ قال: سمعته، يقول: " يجاء بالرجل يوم القيامة، فيلقى في النار، فتندلق أقتابه في النار، فيدور كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار عليه، فيقولون: أي فلان ما شأنك أليس كنت تأمرنا بالمعروف، وتنهانا عن المنكر؟ قال: [ ص: 352 ] كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه ".

هذا حديث متفق على صحته أخرجه على صحته أخرجه مسلم ، عن أبي كريب ، وغيره، عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، وقال شعبة : عن الأعمش : "فيطحن فيها كطحن الحمار برحاه".

قوله: "لا أكلمه إلا سمعكم" أي: بحيث تسمعون بكسر السين.

قوله: "تندلق أقتابه" أي: تخرج أمعاؤه، فالاندلاق: خروج الشيء من مكانه، وكل شيء بدر خارجا، فقد اندلق، يقال: اندلق السيف من الغمد: إذا شقه فخرج منه، والأقتاب: الأمعاء، قاله الأصمعي ، واحدها: قتبة، وقال الكسائي : واحدها قتب، وقال أبو عبيدة : القتب ما تحوى في البطن، يعني: استدار، وهي الحوايا، فأما الأمعاء، فإنها الأقصاب، واحدها قصب، قال أبو هريرة : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار، وكان أول من سيب السوائب". [ ص: 353 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية