صفحة جزء
باب قول الله عز وجل: ( والأرض جميعا قبضته يوم القيامة ) .

وقال جل ذكره: ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ) .

وروى مسروق ، عن عائشة ، [ ص: 108 ] أنها تلت هذه الآية، وقالت: يا رسول الله، فأين يكون الناس؟ قال: " على الصراط " .

يقال: التبديل: تغيير الشيء عن حاله، والإبدال: جعل شيء مكان آخر، قال الأزهري : تبديل الأرض: تسيير جبالها، وتفجير أنهارها، وكونها مستوية لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، وتبديل السماوات: انتثار كواكبها وانفطارها، وتكوير شمسها وخسوف قمرها.

وقال الله سبحانه وتعالى: ( يتبعون الداعي لا عوج له ) ، أي: لا يقدرون أن يعوجوا عن دعائه.

وقال جل ذكره: ( وترى الأرض بارزة ) ، أي: ظاهرة، وليس فيها مستظل، ولا متفيأ.

وقال الله سبحانه وتعالى: ( رجت الأرض رجا ) ، أي: حركت حركة شديدة وزلزلت، وقال سبحانه وتعالى: ( وبست الجبال بسا ) أي: فتتت، فصارت أرضا، وقيل: نسفت، كما قال: ( فقل ينسفها ربي نسفا ) ، وقيل: سيقت، كما قال: ( وسيرت الجبال ) [ ص: 109 ] ، وقال سبحانه وتعالى: ( وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ) ، أي: دقتا دقا فصارتا هباء منبثا، والمنبث: المتفرق، والهباء المنبث: ما تثير الخيل بسنابكها من الغبار، والهباء المنثور: ما يخرج من الكوة مع ضوء الشمس.

وقال الله سبحانه وتعالى: ( إذا دكت الأرض دكا دكا ) ، أي: جعلت مستوية لا أكمة فيها، ومنه قوله عز وجل ( جعله دكا ) ، أي: مستويا، يقال: ناقة دكاء: إذا ذهب سنامها، وقال القتيبي : أي: جعله مدكوكا ملصقا بالأرض، ومن قرأ: دكاء، أي: جعل الجبل أرضا دكاء، وهي الرابية التي لا تبلغ أن تكون جبلا، وجمعها دكاوات، وأصل الدك: الكسر.

وقوله سبحانه وتعالى: ( ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا ) ، أي: يقلعها من أصلها، وقيل: نسف الجبال: دكها وتذريتها.

وقوله سبحانه [ ص: 110 ] وتعالى: ( فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ) ، أي: صارت كلون الورد، تتلون ألوانا يوم الفزع الأكبر، فالدهان: جمع دهن، أي: كما تتلون الدهان المختلفة، كما قال سبحانه وتعالى: ( يوم تكون السماء كالمهل ) ، أي: كالزيت المغلي، وقيل: الدهان: الأديم الأحمر.

وقوله جل ذكره: ( وانشقت السماء فهي يومئذ واهية ) ، أي: ضعيفة جدا، يقال للسقاء إذا تفتق خرزه: لقد وهى يهي.

وقوله سبحانه وتعالى: ( والملك على أرجائها ) ، أي: نواحيها، الواحد رجا مقصور، والملك بمعنى الملائكة ههنا.

4303 - أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة الكشميهني ، أنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ، أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي الباباني ، أنا عبد الله بن محمود ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الخلال ، نا عبد الله بن المبارك ، عن يونس ، عن الزهري ، حدثني سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: " يقبض الله [ ص: 111 ] الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟ " .

هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد ، عن أحمد بن صالح ، وأخرجه مسلم ، عن حرملة بن يحيى ، كلاهما عن ابن وهب ، عن يونس .

التالي السابق


الخدمات العلمية