صفحة جزء
باب الصلاة على المنبر.

497 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أنا محمد بن يوسف، نا محمد بن إسماعيل، نا علي بن عبد الله، نا سفيان، نا أبو حازم، سألوا سهل بن سعد: من أي شيء المنبر؟ فقال: "ما بقي بالناس أعلم مني، هو من أثل الغابة، عمله فلان مولى فلانة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عمل، ووضع، فاستقبل القبلة، كبر، وقام الناس خلفه، فقرأ وركع، فركع الناس خلفه، ثم رفع، ثم رجع القهقرى، فسجد على الأرض، ثم عاد إلى المنبر، ثم قرأ، ثم ركع، ثم رفع رأسه، ثم رجع القهقرى حتى سجد بالأرض، فهذا شأنه".

هذا حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره، عن سفيان بن عيينة [ ص: 391 ] وقال يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم: فلما فرغ أقبل على الناس، فقال: "يا أيها الناس، إنما صنعت هذا لتأتموا ولتعلموا صلاتي".

والأثل: الطرفاء، والغابة: الغيضة، وجمعها غابات وغاب.

قلت: في هذا الحديث فوائد، منها أن الإمام إذا كان أرفع من المأموم في الموقف لا يكره، وبه قال أحمد، وكره قوم ذلك، لما روي أن حذيفة أم الناس بالمدائن على دكان، فأخذه أبو مسعود [ ص: 392 ] بقميصه فجبذه، فلما فرغ من صلاته، قال: ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك؟ قال: بلى قد ذكرت حين مددتني.

ومن فوائد حديث سهل، أن العمل القليل لا يبطل الصلاة وإن كان قصدا، فقد صح الأمر بدفع المار، وقتل الحية والعقرب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة، وكان منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم مرقاتين، فنزوله وصعوده خطوتان، وذلك في حد القلة، وإنما نزل القهقرى لئلا [ ص: 393 ] يولي الكعبة ظهره، أما إذا قرأ آية السجدة في الخطبة، وأراد النزول للسجود، جاز، ونزل مقبلا على الناس، وفعله عمر بن الخطاب.

وإن لم ينزل ومر في خطبته، جاز عند الشافعي، وقال أصحاب الرأي: ينزل ويسجد، وقال مالك: لا ينزل ويمر في خطبته [ ص: 394 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية