إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

صفحة جزء
2 - باب الاغتسال يوم الجمعة وفضل الغسل فيه حديث أبي سعيد، وتقدم في الباب قبله، وفيه حديث أبي أيوب، وسيأتي في باب الزينة والطيب، وحديث ابن عمر ، وسيأتي في باب فضل الصلاة على الجنازة .

[ 1475 ] وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم : "من غسل واغتسل، وغدا وابتكر، ودنا فاقترب، واستمع وأنصت كان له بكل خطوة قيام سنة وصيامها " .

رواه الحارث وأبو يعلى بسند الصحيح .

وله شاهد من حديث أوس بن أوس رواه أبو داود الطيالسي ، وأصحاب السنن الأربعة، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما وغيرهم .

قال الخطابي: قوله صلى الله عليه وسلم : "غسل واغتسل، وبكر وابتكر " اختلف الناس في معناه:

فمنهم من ذهب إلى أنه من الكلام الظاهر الذي يراد به التوكيد، ولم تقع المخالفة بين المعنيين لاختلاف اللفظين، وقال: ألا تراه يقول في هذا الحديث: "ومشى ولم يركب " ومعناهما واحد، وإلى هذا ذهب الأثرم صاحب أحمد .

وقال بعضهم: "غسل " معناه: غسل الرأس خاصة، وذلك لأن العرب لهم لمم وشعور، وفي غسلها مؤنة، فأراد غسل الرأس من أجل ذلك، وإلى هذا ذهب مكحول . وقوله: "واغتسل " معناه: غسل سائر الجسد . [ ص: 264 ]

وزعم بعضهم أن قوله: "غسل " معناه: أصاب أهله قبل خروجه إلى الجمعة؛ ليكون أملك لنفسه وأحفظ في طريقه لبصره .

وقوله: "بكر وابتكر " زعم بعضهم أن قوله: "بكر " أدرك باكورة الخطبة وهي أولها، ومعنى "وابتكر ": قدم في الوقت . وقال ابن الأنباري: معنى "بكر ": تصدق قبل خروجه، وتأول في ذلك ما روي في الحديث من قوله عليه السلام: "باكروا بالصدقة؛ فإن البلاء لا يتخطاها " .

وقال الحافظ أبو بكر بن خزيمة: من قال في الخبر: "غسل واغتسل " - يعني بالتشديد - معناه: جامع فأوجب الغسل على زوجته أو أمته واغتسل . ومن قال: "غسل واغتسل " - يعني: بالتخفيف - أراد غسل رأسه، واغتسل فغسل سائر الجسد؛ لخبر طاوس عن ابن عباس ، ثم روي بإسناده الصحيح إلى طاوس قال: "قلت لابن عباس: زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اغتسلوا يوم الجمعة واغسلوا رؤوسكم وإن لم تكونوا جنبا، ومسوا من الطيب . قال ابن عباس : أما الطيب فلا أدري، وأما الغسل فنعم " .

التالي السابق


الخدمات العلمية