إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

صفحة جزء
[ 1620 ] وعن ثعلبة بن عباد، عن سمرة بن جندب قال: "قام يوما خطيبا فذكر في خطبته حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بينما أنا وغلام من الأنصار نرمي غرضين لنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلعت الشمس فكانت في عين الناظر قيد رمح أو رمحين من الأفق، فاسودت حتى أضاءت كأنها تنومة، قال: فقال أحدنا لصاحبه: انطلق إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحدثن له شأن هذه الشمس اليوم في أمته حديثا. قال: فدفعنا إلى المسجد فوافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج للناس، قال: فاستقام فصلى بنا كأطول ما قام في صلاة قط، ما نسمع له صوتا، ثم ركع، ثم سجد بنا كأطول ما سجد بنا في صلاة، ما نسمع له صوتا، ثم قام ففعل مثل ذلك في الركعة الثانية، ثم جلس فوافق جلوسه تجلي الشمس فسلم وانصرف، وحمد الله وأثنى عليه، وشهد أن لا إله إلا الله، وشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم قال: يا أيها الناس، إنما أنا بشر رسول، أذكركم الله إن كنتم تعلمون أني قصرت عن شيء من تبليغ رسالات ربي لما أخبرتموني. فقال الناس: نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك، ونصحت لأمتك، وقضيت الذي عليك. ثم قال: أما بعد، فإن رجالا يزعمون أن كسوف هذه الشمس، وكسوف هذا القمر، وزوال هذه النجوم عن مطالعها لموت رجال عظماء من أهل الأرض، وإنهم قد [ ص: 339 ] كذبوا، ولكنها آيات الله - عز وجل - يعتبر بها عباده لينظر من يحدث له منهم توبة، وإني والله لقد رأيت ما أنتم لاقون من أمر دنياكم وآخرتكم منذ قمت أصلي، وإنه والله ما تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا أحدهم الأعور الدجال ممسوح عين اليسرى كأنها عين أبي تحيى - شيخ من الأنصار، بينه وبين حجرة عائشة (حينئذ) - وإنه متى يخرج فإنه سوف يزعم أنه الله؛ فمن آمن به وصدقه واتبعه فليس ينفعه عمل صالح من عمل سلف، وإنه سيظهر على الأرض كلها غير الحرم وبيت المقدس، وإنه يسوق المسلمين إلى بيت المقدس فيحصرون حصرا شديدا، ويزلزلوا زلزالا شديدا. قال الأسود: ظني أنه حدثني أن عيسى ابن مريم يصيح فيهم، فيهزمه الله - عز وجل - وجنوده حتى إن أصل الحائط أو جذم الشجر لينادي: يا مؤمن، هذا كافر مستتر بي، تعال فاقتله. ولن يكون ذلك كذلك حتى تروا أمورا عظاما يتفاقم شأنها في أنفسكم، تساءلون بينكم هل كان نبيكم - عليه السلام - ذكر لكم منها ذكرا، حتى تزول جبال عن مراتبها. قال ثم على أثر ذلك القبض، ثم قبض أصابعه. ثم قال مرة أخرى: وقد حفظت ما قال، فذكر هذا فما قدم كلمة على منزلتها ولا أخر أخرى".

رواه أبو يعلى ، وروى أصحاب السنن الأربعة قصة الكسوف فقط، ورواه بتمامه أحمد بن حنبل ، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وعنه البيهقي.

التالي السابق


الخدمات العلمية