إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

صفحة جزء
[ 1806 / 1 ] وعن حكيم بن قيس بن عاصم "أن قيس بن عاصم أوصى بنيه عند موته: أوصيكم بتقوى الله، وسودوا أكبركم فإن القوم إذا سودوا أكبرهم خلفوا آباءهم، وإذا سودوا أصغرهم أزري بهم في أكفائهم، وعليكم باصطناع المال فإنه منبهة للكريم، ويستغنى به عن اللئيم، وإياكم والمسألة فإنها آخر كسب الرجل، ولا تنوحوا علي، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينح عليه، وادفنوني حيث لا يراني بكر بن وائل، فإني كنت أغادرهم في الجاهلية".

رواه مسدد ورجاله ثقات.

[ 1806 / 2 ] وكذا أبو يعلى ولفظه: عن الحسن بن أبي الحسن، عن قيس بن عاصم قال: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما دنوت منه سمعته يقول: هذا سيد أهل الوبر. فسلمت ثم جلست، فقلت: يا رسول الله، ما المال الذي لا يكون علي فيه تبعة من ضيف ضافني أو عيال إن كثروا؟ فقال: نعم المال الأربعون من الإبل، والأكثر ستون، وويل لأصحاب المئين إلا من أعطى في رسلها ونجدتها فأفقر [ ص: 419 ] ظهرها، وأصدق فحلها، ونحر سمينها، وأطعم القانع والمعتر. قال: قلت: يا رسول الله، ما أكرم هذه الأخلاق وأحسنها، إنه لا يحل بالوادي الذي أنا فيه من كثرة إبلي. قال: فكيف تصنع في المنيحة؟ قال: قلت: إني لأمنح في كل عام مائة. قال: فكيف تصنع بالعارية؟ قال: تغدو الإبل ويغدو الناس، فمن أخذ برأس بعير ذهب به. قال: فكيف تصنع بأفقارها؟ قال: إني لأفقر البكر الضرع والناب المدبر. قال: فمالك أحب إليك أو مال مولاك؟ قال: قلت: بل مالي. قال: فإنما لك من مالك ما أكلت فأفنيت، ولبست فأبليت، وأعطيت فأمضيت، وما بقي فلمولاك. قلت: لمولاي؟ قال: نعم. قلت: أما والله لئن بقيت لأدعن عدتها قليلا. قال الحسن: ففعل رحمه الله، فلما حضره الوفاة دعا بنيه. فقال: يا بني، خذوا عني فلا أحد أنصح لكم مني، إذا أنا مت فسودوا كباركم، ولا تسودوا صغاركم فيستسفه الناس كباركم، وتهونوا عليهم، وعليكم باستصلاح المال فإنه منبهة للكريم ويستغنى به عن اللئيم، وإياكم والمسألة؛ فإنها آخر كسب المرء، إن أحدا لن يسأل إلا ترك كسبه، وإذا أنا مت فكفنوني في ثيابي التي كنت أصلي فيها وأصوم، وإياكم والنياحة علي؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنها، وادفنوني في مكان لا يعلم به أحد، فإنه قد كانت بيننا وبين بكر بن وائل خماشات في الجاهلية فأخاف أن يدخلوها عليكم في الإسلام فيعيبوا عليكم دينكم. قال الحسن: رحمه الله، نصحا في الحياة، ونصحا في الممات".

ورواه الحارث بن أبي أسامة عن داود بن المحبر وهو ضعيف، وسيأتي لفظه في كتاب الوصايا، وروى النسائي منه قصة النوح فقط.

التالي السابق


الخدمات العلمية