إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

صفحة جزء
9 - باب وصية ثابت بن قيس بن شماس بعد موته رضي الله عنه

[ 3010 ] قال أبو يعلى الموصلي : ثنا أحمد بن عيسى المصري، ثنا قيس بن بكر، ثنا ابن جابر، حدثني عطاء الخراساني قال: "قدمت المدينة فلقيت رجلا من الأنصار، فقلت: حدثني بحديث ثابت بن قيس بن شماس، قال: نعم، قم معي، فقمت معه حتى وقفت إلى باب دار فأجلسني على بابها، ثم دخل، فلبث لبثا، ثم دعانا فدخلنا على امرأة، فقال الرجل: هذه بنت ثابت بن قيس بن شماس، فسلها عما بدا لك، فقلت: حدثيني عنه رحمك الله، قالت: لما أنزل الله - عز وجل - على رسوله صلى الله عليه وسلم : ( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ) إلى آخر الآية، دخل بيته وأغلق بابه وطفق يبكي، فافتقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما شأن ثابت؟! قالوا: يا رسول الله، ما ندري ما شأنه، إلا أنه قد أغلق بابه وهو يبكي فيه، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله: ما شأنك؟ قال: يا رسول الله، أنزل عليك هذه الآية ( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ) وأنا شديد الصوت، وأخاف أن أكون قد حبط عملي، قال: لست منهم، بل تعيش بخير، وتموت بخير.

قال: ثم أنزل الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله لا يحب كل مختال فخور ) فأغلق بابه وطفق يبكي، فافتقده رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ثابت، ما شأنه؟! قالوا: يا رسول الله، والله ما ندري غير أنه قد أغلق بيته، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما شأنك؟! قال: يا رسول الله، أنزل عليك: ( إن الله لا يحب كل مختال فخور ) والله إني لأحب الجمال، وأحب أن أسود قومي، قال: لست منهم، بل تعيش حميدا، وتقتل شهيدا، ويدخلك الله الجنة بسلام.

فلما كان يوم اليمامة خرج مع خالد بن الوليد إلى مسيلمة الكذاب، فلما لقي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمل عليهم فانكشفوا، قال ثابت لسالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم حفر كل واحد منهما حفرة فحمل عليهم القوم فثبتا يقاتلان حتى قتلا - رحمهما الله - وكانت على ثابت درع له نفيسة، فمر به رجل من المسلمين فأخذها، فبينا رجل من المسلمين نائم إذ أتاه ثابت بن قيس في منامه فقال: إني أوصيك بوصية، إياك أن [ ص: 419 ] تقول: هذا حلم فتضيعه، إني لما قتلت أمس مر بي رجل من المسلمين فأخذ درعي ومنزله أقصى العسكر، وعند خبائه فرس يستن في طوله، وقد كفأ على الدرع برمة، وجعل فوق البرمة رحلا، فائت خالد بن الوليد فمره أن يبعث إلى درعي فيأخذها، فإذا قدمت على خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن علي من الدين كذا وكذا، ولي من الدين كذا وكذا، وفلان رقيقي عتيق، وفلان، وإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه.

فأتى الرجل خالد بن الوليد فأخبره، فبعث إلى الدرع، فنظر إلى خباء في أقصى العسكر فإذا عنده فرس يستن في طوله، فنظر في الخباء فإذا ليس فيه أحد، فدخلوا ورفعوا الرحل فإذا تحته برمة، فرفعوها فإذا الدرع تحتها، فأتى بها خالد بن الوليد، فلما قدم المدينة حدث الرجل أبا بكر برؤياه فأجاز وصيته بعد موته، فلا نعلم أحدا من المسلمين جوز وصيته بعد موته غير ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه ".


وله شاهد من حديث أنس بن مالك رواه البخاري والطبراني والترمذي باختصار.

التالي السابق


الخدمات العلمية