إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

صفحة جزء
22 - باب ما جاء في الإعانة على الزواج

[ 3159 / 1 ] قال أبو داود الطيالسي: ثنا المبارك بن فضالة ، عن أبي عمران الجوني - اسمه: عبد الملك بن حبيب - عن ربيعة بن كعب قال: كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فقال ذات يوم: يا ربيعة، ألا تتزوج؟ فقلت: يا رسول الله، والله ما عندي ما يقيم امرأة، وما أحب أن يشغلني عن خدمتك شيء. ثم قال يوما آخر: يا ربيعة، ألا تتزوج؟ فقلت له مثل ذلك. قال: ثم قلت في نفسي: والله رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بما يصلحني من أمر دنياي وآخرتي، والله لئن قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم الثالثة لأقولن: نعم. ثم قال الثالثة: يا ربيعة، ألا تتزوج؟ قلت: ليصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء. قال: انطلق إلى آل فلان - ناس من الأنصار - فقل: إن رسول الله أرسلني يقرئ عليكم السلام، ويأمركم أن تزوجوني فلانة. فأتيتهم فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تزوجوني فلانة. فقالوا: مرحبا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبرسول رسول الله، والله لا يرجع رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم إلا بحاجته. قال: فزوجوني، وأكرموني، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني كئيبا حزينا، فقال: ما لك يا ربيعة؟! قلت: يا رسول الله، أتيت قوما كراما، فأكرموني وزوجوني، وليس عندي ما أسوق لهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بريدة الأسلمي، اجمع لي في وزن نواة من ذهب. فجمع لي منها، فقال: انطلق بهذا إليهم. قال: فأتيتهم فقبلوا ذلك مني ورحبوا، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني كئيبا، فقال: ما لك يا ربيعة؟! [ ص: 54 ] فقلت: يا رسول الله، أتيت قوما كراما فقبلوا ذلك مني ورحبوا، وليس عندي ما أولم به. فقال: يا بريدة، اجمعوا له في ثمن كبش. فجمعوا لي في ثمن كبش عظيم، ثم قال: ائت عائشة فقل لها: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادفعي إليه ذلك الطعام. فأتيتها فقالت: دونك المكتل، والله ما عندنا غيره. قال: فأخذته فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: انطلق بهذا إليهم فليصلح هذا عندكم خبزا، ولينضج هذا عندهم لحما. فأتيتهم به فقالوا: أما الخبز فنحن نكفيكموه فاكفونا أنتم اللحم. فانطلقت بالكبش إلى أناس من أصحابي، فتعاونا عليه ففرغنا منه، فانطلقت به، فأولمت، فدعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجابني ".

[ 3159 / 2 ] رواه أبو يعلى الموصلي: ثنا أبو خيثمة، ثنا يزيد بن هارون، ثنا مبارك بن فضالة ، ثنا أبو عمران الجوني... فذكره بتمامه، وزاد في آخره: ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع أبا بكر أرضا له فاختلفنا في عذق، فقلت: هو في أرضي، وقال أبو بكر: هو في أرضي. فتنازعنا فقال لي أبو بكر كلمة كرهتها فندم، فأخبرني فقال لي: قل لي كما قلت لك. قال: قلت: لا - وأبيت - لا أقول لك كما قلت لي. قال: إذا آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبعته، فجاءني قوم يتبعونني، فقالوا لي: رحم الله أبا بكر، في أي شيء يستعدي عليك، رسول الله وهو الذي قال لك وهو يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيشكو؟! قال: فالتفت إليهم فقلت: أتدرون من هذا؟ هذا الصديق، وذو شيبة المسلمين، ارجعوا لا يلتفت فيراكم فيظن أنكم إنما جئتم لتعينوني؛ فيغضب، فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 55 ] فيخبره فيهلك ربيعة، قال: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني قلت لربيعة كلمة كرهتها، فقلت له. يقول لي مثلما قلت له فأبى: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ربيعة، ما لك وللصديق؟ قال: قلت: يا رسول الله، لا والله لا أقول كما قال لي. قال: أجل، لا تقول له كما قال لك، ولكن قل: غفر الله لك يا أبا بكر ".

[ 3159 / 3 ] ورواه أحمد بن حنبل في مسنده: ثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، ثنا المبارك - يعني: ابن فضالة - ثنا أبو عمران الجوني... فذكر حديث أبي يعلى الموصلي بتمامه، بزيادة ألفاظ إلا أنه قال: " يا ربيعة، رد علي مثلها حتى يكون قصاصا. قال: قلت: لا أفعل. قال أبو بكر: لتقولن أو لأستعدين عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: ما أنا بفاعل. فرفض الأرض، وانطلق أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وانطلقت أتلوه وأناس من أسلم، فقالوا: رحم الله أبا بكر، في أي شيء يستعدي عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي قال لك ما قال؟! فقلت: أتدرون من هذا؟ هذا أبو بكر الصديق، هذا ثاني اثنين، وهذا ذو شيبة المسلمين، إياكم لا يلتفت فيراكم تنصرونني عليه فيغضب، فيأتي رسول الله فيغضب لغضبه، فيغضب الله عز وجل - لغضبهما، فيهلك ربيعة. قالوا: ما تأمرنا؟ قال: ارجعوا. قال: فانطلق أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبعته وحدي حتى أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فحدثه الحديث كما كان، فرفع إلي رأسه فقال: ربيعة، ما لك وللصديق؟ قلت: يا رسول الله، كان كذا، كان كذا، قال لي كلمة كرهتها، فقال لي: قل كما قلت، حتى يكون قصاصا فأبيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل، فلا ترد عليه، ولكن قل: غفر الله لك يا أبا بكر. فقلت: غفر الله لك يا أبا بكر. قال الحسن: فولى أبو بكر وهو يبكي ".

التالي السابق


الخدمات العلمية