إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

صفحة جزء
2 - باب ما جاء في حكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه

[ 4872 / 1 ] قال أبو داود الطيالسي : ثنا حماد بن يزيد، عن معاوية بن قرة المزني قال: " أتيت المدينة زمن الأقط والسمن، والأعراب يأتون بالبرقان (يسعون بها) فإذا أنا برجل طامح البصر، وهو ينظر إلى الناس، فظننت أنه غريب، فدنوت فسلمت عليه، فرد علي السلام، وقال لي: من أهل هذه المدينة أنت؟ قلت: نعم، فجلست معه، فقلت: ممن أنت؟ قال: من بني هلال، واسمي كهمس - أو قال: من بني (بهلول) واسمي كهمس - ثم قال لي: ألا أحدثك حديثا شهدته من عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟ فقلت: بلى، قال: بينما نحن جلوس عنده إذ جاءت امرأة فجلست إليه، فقالت: يا أمير المؤمنين، إن زوجي قد كثر شره وقل خيره، فقال لها: من زوجك؟ قالت: أبو سلمة، فقال: إن ذلك لرجل له صحبة، وإنه لرجل صدق، ثم قال عمر - رضي الله عنه - لرجل عنده جالس: [ ص: 373 ] أليس كذلك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، لا نعرفه إلا بما قلت.

فقال عمر لرجل: قم فادعه لي، وقامت المرأة حين أرسل إلى زوجها، فقعدت خلف عمر، فلم يلبث أن جاءا معا حتى (جلس) بين يدي عمر، فقال عمر: ما تقول هذه الجالسة خلفي؟ قال: ومن هذه يا أمير المؤمنين؟ قال: هذه امرأتك، قال: وتقول ماذا؟ قال: تزعم أنك قد قل خيرك وكثر شرك.

قال: بئس ما قالت يا أمير المؤمنين، إنها لمن صالحي نسائها، أكثرهن كسوة، وأكثرهن رفاهية بيت، ولكن فحلها بكي، فقال عمر - رضي الله عنه - للمرأة: ما تقولين؟ قالت: صدق.

فقام إليها عمر بالدرة فتناولها بها، ثم قال: أي عدوة نفسها، أكلت ماله، وأفنيت شبابه، ثم أنشأت تخبرين بما ليس فيه، فقالت: يا أمير المؤمنين، لا تعجل فوالله لا أجلس هذا المجلس أبدا.

ثم أمر لها بثلاثة أثواب، فقال: خذي هذا لما صنعت بك، وإياك أن تشكي هذا الشيخ.

فكأني أنظر إليها قامت ومعها الثياب، ثم أقبل على زوجها فقال: لا (يحملك) ما رأيتني صنعت بها أن (تسيء) إليها، انصرفا.

فقال الرجل: ما كنت لأفعل، ثم قال عمر - رضي الله عنه - : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خير أمتي القرن الذي أنا منهم، ثم الثاني، ثم الثالث، ثم ينشأ قوم تسبق أيمانهم شهادتهم، يشهدون من غير أن يستشهدوا، لهم لغط في أسواقهم.

قال معاوية: قال لي كهمس: أتخاف أن هؤلاء من أولئك؟ قال لي كهمس: إني أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بإسلامي، ثم غبت عنه حولا، ثم أتيته فقلت: يا رسول الله، كأنك تنكرني، فقال: أجل، فقلت: يا رسول الله، ما أفطرت منذ فارقتك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ومن أمرك أن تعذب نفسك؟! صم يوما من الشهر، قلت: زدني، قال: فصم يومين، حتى قال: فصم ثلاثة أيام من كل شهر "
.

[ 4872 / 2 ] رواه ابن أبي عاصم: عن يونس بن حبيب، عن أبي داود الطيالسي .

[ 4872 / 3 ] ورواه البخاري في تاريخه، عن موسى بن إسماعيل، عن حماد بن يزيد بن مسلم به.

وأخرجه الحاكم في الكنى من طريق موسى به. [ ص: 374 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية