صفحة جزء
ذكر حديث جمع القرآن

[ 169 ] أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد [ ص: 340 ] بن سختويه ، حدثنا بشر بن موسى ، حدثنا الحسن بن موسى الأشيب ، عن إبراهيم بن سعد الزهري ، عن ابن شهاب (ح) .

وأخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي بن مقاتل الهاشمي الفروي ، حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني ، أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب ، حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، حدثنا ابن شهاب ، عن عبيد بن السباق ، عن زيد بن ثابت قال : " أرسل إلي أبو بكر الصديق رضي الله عنه مقتل أهل اليمامة ، فإذا عمر جالس عنده ، فقال أبو بكر : إن عمر جاءني فقال : إن القتل فقد استحر وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن ، فقلت لعمر : كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال عمر : هو والله خير ، فلم يزل يراجعني حتى شرح الله لذلك صدري ، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر رضي الله عنه " .

قال زيد قال أبو بكر : إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع القرآن واجمعه " .

قال زيد : " فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمروني به من جمع القرآن قال : قلت : وكيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : هو والله خير ، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر " . قال : " فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والعسب ، واللخاف وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة " [ ص: 341 ]

وفي رواية أبي الوليد : " مع خزيمة أو أبي خزيمة الأنصاري : " لم أجدها مع أحد غيره " .

( لقد جاءكم رسول من أنفسكم ) خاتمة سورة براءة .

قال : " وكانت الصحف عند أبي بكر حياته حتى توفاه الله عز وجل ، ثم عند عمر حياته حتى توفاه الله عز وجل ، ثم عند حفصة بنت عمر أم المؤمنين " .

انتهى حديث الأشيب .

وزاد أبو الوليد في روايته قال : إبراهيم بن سعد : حدثني ابن شهاب ، عن أنس بن مالك ، " أن حذيفة قدم على عثمان بن عفان ، وكان يغازي أهل الشام مع أهل العراق في فتح أرمينية وأذربيجان ، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة ، فقال لعثمان : يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب كما اختلفت اليهود والنصارى ، فبعث عثمان إلى حفصة أرسلي المصحف - أو قال الصحف [ ص: 342 ] ننسخها في المصاحف - ثم نردها إليك ، فبعثت بها إليه ، فدعا زيد بن ثابت وأمره وأمر عبد الله بن الزبير ، وسعيد بن العاص " .

وقال غير أبي الوليد ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام : وأمرهم أن ينسخوا الصحف في المصاحف - وقال لهم : ما اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء فاكتبوه بلسان قريش ، فإنما نزل بلسانهم .

فكتبت الصحف في المصاحف ، فبعث إلى كل أفق بمصحف ، وأمر بما سوى ذلك من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يمحى ، أو يحرق " .

قال ابن شهاب : وأخبرني خارجة بن زيد ، أنه سمع زيد بن ثابت يقول : " فقدت آية من سورة الأحزاب حين نسخت الصحف ، كنا نسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأها ، فالتمستها فوجدتها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري : ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) فألحقتها به في سورتها في المصحف .

قال ابن شهاب : " فاختلفوا يومئذ في التابوت ، فقال زيد بن ثابت : التابوه ، وقال ابن الزبير : وسعيد بن العاص : التابوت فرفع كلامهم إلى عثمان فقال : اكتبوه التابوت " .

رواه البخاري في الصحيح ، عن موسى بن إسماعيل ، عن إبراهيم بن سعد دون [ ص: 343 ] قول ابن شهاب قال البيهقي رحمه الله : " وتأليف القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم " .

روينا عن زيد بن ثابت أنه قال : " كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع .

وإنما أراد - والله تعالى أعلم - تأليف ما نزل من الآيات المتفرقة ، في سورتها وجمعها فيها بإشارة النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم كانت مثبتة في الصدور مكتوبة في الرقاع واللخف ، والعسب ، فجمعت منها في صحف بإشارة أبي بكر ، وعمر وغيرهما من المهاجرين والأنصار ، ثم نسخ ما جمع في الصحف في مصاحف بإشارة عثمان بن عفان على ما رسم المصطفى صلى الله عليه وسلم " .

وروينا عن سويد بن غفلة أنه قال : قال علي بن أبي طالب : " يرحم الله عثمان لو كنت أنا لصنعت في المصاحف ما صنع عثمان " .

وقد ذكرنا في كتاب المدخل ، وفي آخر كتاب دلائل النبوة ما يقوي هذا الإجماع ويدل على صحته والحمد لله على حفظ عباده وتركهم على الواضحة وفقنا لمتابعة السنة ومجانبة البدعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية