صفحة جزء
فصل

وإذا أحيا الله تبارك وتعالى الناس كلهم قاموا عجلين ينظرون ما يراد بهم لقوله تعالى : ( ثم نفخ فيه أخرى ، فإذا هم قيام ينظرون ) .

وقد أخبر الله عز وجل عن الكفار أنهم يقولون : ( يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ) .

وأنهم يقولون : ( هذا يوم الدين ) .

فتقول لهم الملائكة : ( هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون ) .

ثم يومر بحشر الناس إلى موقف العرض ، والحساب وهو الساهرة فقال الله عز وجل : ( فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة ) .

قال البيهقي رحمه الله : وروينا عن وهب بن منبه ، أنه قرأ هذه الآية وهو يومئذ ببيت المقدس فقال : " هاهنا الساهرة يعني بيت المقدس " [ ص: 544 ]

وروينا عن ابن عباس موقوفا ومرفوعا ما دل على : " أن الشام أرض المحشر " وقال الفراء : " الساهرة وجه الأرض كأنها سميت بهذا الاسم ؛ لأن فيه الحيوان نومهم وسهرهم " .

وروى بإسناده ، عن ابن عباس قال : الساهرة : الأرض .

قال الحليمي رحمه الله : " ومعناه فإذا هم قد صاروا على وجه الأرض بعد أن كانوا في جوفها .

وقيل : الساهرة صحراء ، قرب شفير جهنم والله أعلم " .

وروينا في الحديث الثابت ، عن سهل بن سعد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي " .

وفي رواية كقرصة النقي ليس فيها لأحد علم [ ص: 545 ]

والنقي : الخبز الحواري ، وقوله : " ليس فيها علم " يريد : أرضا مستوية ليس فيها حدب ، ولا بناء .

وأما صفة الحشر فقد قال الله عز وجل : ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ) .

روينا عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس أنه قال : في قوله : ( وفدا ) " ركبانا " ، وفي قوله : ( وردا ) " عطاشا " .

وروينا عن النعمان بن سعد ، عن علي أنه قال في هذه الآية : " أما والله ما يحشر الوفد على أرجلهم ، ولا يساقون سوقا ، ولكنهم يؤتون بنوق لم ير الخلائق مثلها عليها رحال الذهب وأزمتها الزبرجد فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة " .

[ 352 ] أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب ، حدثنا محمد بن عبد الوهاب ، حدثنا يعلى بن عبيد ، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق ، عن النعمان بن سعد ، عن علي ، رضي الله عنه فذكره . [ ص: 546 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية