1. الرئيسية
  2. الجامع لشعب الإيمان
  3. الثامن والأربعون من شعب الإيمان وهو باب في القرابين والإبانة عن معناها وغرضها وجملته الهدي والأضحية والعقيقة
صفحة جزء
[ 6946 ] أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد ، أخبرنا [ ص: 442 ] إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا أحمد بن منصور ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري في قوله : ( إني أرى في المنام أني أذبحك ) .

قال أخبرني القاسم بن محمد قال : اجتمع أبو هريرة وكعب فجعل أبو هريرة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم وجعل يحدث كعب عن الكتب ، فقال أبو هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن لكل نبي دعوة مستجابة ، وإني قد خبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة " .

فقال له كعب : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، قال : فداه أبي وأمي أولا أخبرك عن إبراهيم عليه السلام أنه لما أري ذبح ابنه إسحاق قال الشيطان : إن لم أفتن هؤلاء عند هذه لم أفتنهم أبدا ، فخرج إبراهيم بابنه ليذبحه ، فذهب الشيطان فدخل على سارة ، فقال : أين يذهب إبراهيم بابنك ؟ قالت : غدا به لبعض حاجته ، فقال : إنه لم يغد به لحاجة إنما ذهب به ليذبحه ، قالت : ولم يذبحه ؟ قال : يزعم أن ربه أمره بذلك ، قالت : فقد أحسن أن يطيع ربه ، فخرج الشيطان في أثرهما فقال للغلام : أين يذهب بك أبوك ؟ قال : لبعض حاجته ، قال : فإنه لا يذهب بك لحاجة ، ولكنه يذهب بك ليذبحك ، قال : ولم يذبحني ؟ قال : يزعم أن ربه أمره بذلك ، قال : فوالله لئن كان أمره بذلك ليفعلن ، قال : فيئس منه فتركه ولحق بإبراهيم ، فقال : أين عدوت بابنك ؟ قال : لحاجة ، قال : فإنك لم تغد به لحاجة إنما [ ص: 443 ] غدوت به لتذبحه ، قال : ولم أذبحه ؟ قال : تزعم أن ربك أمرك بذلك ، قال : فوالله لئن كان الله أمرني بذلك لأفعلن ، قال : فتركه ويئس أن يطاع قال : ( فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين ) .

قال : فأوحى إلى إسحاق أن ادع فإن لك دعوة مستجابة ، قال إسحاق : اللهم إني أدعوك أن تستجيب لي أيما عبد لقيك من الأولين والآخرين لقيك لا يشرك بك شيئا أن تدخله الجنة .

قال الحليمي رحمه الله : والمعنى في ذلك - والله أعلم - أن من حج واعتقد في حجه ما قدمنا ذكره في بابه من أنه قد انسلخ من زينة الدنيا وشهوتها ، وخلفها وراء ظهره ، وتاب من الذنوب ، وطهر منها قلبه ، وجاء معتذرا متنصلا منيبا إلى ربه ، أمر أن يقرب بذلك قربانا يقربه له من بعض ما أحل له من بهيمة الأنعام ، حتى إذا رمى أتبعه نحره أو ذبحه ، وكان كأن يقول : اللهم إني قد أتيت من التقصير في حقوقك ، وكسبت من السيئات ، ما لو كان لي إلى نحر نفسي سبيل لنحرتها عقوبة لها بما أسلفت من المعاصي ، ولكنك حرمت ذلك علي ، وأحللت لي بهيمة الأنعام ، وإني متقرب إليك بهديي هذا فاقبله مني ، واجعله فداء لي بمنك وطولك ، كما فديت ابن خليلك إبراهيم بالذبح العظيم برحمتك وفضلك ، واقبله مني كما قبلته من إبراهيم خليلك ومن محمد نبيك ورسولك .

ونحر ذلك بقلبه ويعتقده ، ويعلم أن هذا معنى قربانه وعرضه ، وإن قاله بلسانه فلا بأس ، وما قلته من هذا فهو في الأضحية مثله ، وليس بينهما فرق سوى أن ذلك هدي إلى البيت الحرام ، وهذا ليس بهدي ، وهما جميعا سنة ، وليس بفرض ؛ لأن إخلاص التوبة يجزئ عن الفدية كما يجزئ عن الاستغفار ، لكن الاستغفار معها من أعظم السنن كذلك الفدية .

قال الإمام أحمد رحمه الله : ثم ذكر الحليمي ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما لا يجزئ في الضحايا وهو ما .

[ ص: 444 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية