صفحة جزء
[ 8539 ] سمعت أبا عبد الله الحافظ ، يقول : سمعت الإمام أبا بكر أحمد بن إسحاق ، يقول : التقيت مع أبي عثمان يعني الحيري يوم عيد في المصلى ، وكان من عادته إذا التقى بواحد منا فسأله بحضرة الناس عن مسائل فقهية ، ويريد بذلك إجلاله وزيادة يجله عند العوام ، فسألني بحضرة الناس في مصلى العيد عن مسائل ، فلما فرغ منها ، قلت له : أيها الأستاذ في قلبي شيء أردت أن أسألك عنه منذ حين ، قال : قل ، قلت : إني رجل قد دفعت إلى صحبة الناس ، وحضور عدة المحافل ، وإني ربما أدخل مجلسا يقوم لي بعض الحاضرين ، ويتقاعد عن القيام لي بعضهم ، فأجدني أنضم على القاعدين ، حتى لو قدرت على الإساءة إليه فعلت ، قال : فلما فرغت من كلامي سكت أبو عثمان وتغير لونه ، ولم يجبني بشيء ، فلما رأيته قد تغير لونه سكت ، ثم انصرفت من المصلى ، فلما كان بعد العصر ، قعدت وأذنت للناس ، فدخل علي عند المساء جار لي قلما كان يتخلف عن مجلس أبي عثمان ، فقلت له : من أين أقبلت ؟ قال : من مجلس أبي عثمان ، قلت : وفي ماذا كان يتكلم ؟ قال : أجرى المجلس من أوله إلى آخره في رجل كان ظنه به أجمل ظن ، فأخبر عن شره بشيء أنكره أبو عثمان وتغير له به ، قال أبو بكر : فعلمت أنه حديثي ، [ ص: 279 ] قلت : وبما ختم حديث ذلك الرجل ؟ قال : قال أبو عثمان : أظهر لي من باطنه شيئا لم أشم منه رائحة الإيمان ، ويشبه أنه على الضلال ما لم يظهر توبته من الذي أخبرني به عن نفسه ، قال الشيخ أبو بكر : فوقع علي البكاء ، وتبت إلى الله مما كنت عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية