صفحة جزء
208 - أنا حرملة بن عمران قال : حدثني عبيد الله بن أبي جعفر ، " أن ذا القرنين ، كان في بعض مسيره ، إذ مر بقوم ، وقبورهم على أبواب بيوتهم ، وإذا ثيابهم لون واحد ، ورقاعها واحدة ، وإذا هم رجال كلهم ، ليس فيهم امرأة ، فتوسم رجلا منهم ، فقال له : لقد رأيت شيئا ما رأيته في شيء مما سرت فيه ، فقال : وما هو ؟ قال : كذا وكذا ، قال ، هيه ؟ قال : كذا وكذا ، قال : أما هذه القبور التي على أبوابنا فإنا جعلناها موعظة لقلوبنا ، تخطر على قلب رجل الدنيا ، فيخرج فيرى القبور ، فيرجع إلى نفسه ، فيقول : إلى هذا المصير ، وإليها صار من كان قبلك ، وأما هذه الثياب ، فإنه لا يكاد رجل يلبس ثيابا أحسن من ثياب صاحبه ، إلا رأى له به فضلا على جليسه ، وأما ما قلت : إنكم رجال ليس معكم نساء ، فلعمري ، لقد خلقنا من ذكر وأنثى ، ولكن هذا القلب لا نشغله بشيء إلا اشتغل به ، قد جعلنا نساءنا وذرارينا في قرية قريبة منا ، فإذا أراد الرجل من أهله ما يريد الرجل من أهله ، أتاها فبات معها الليلة والليلتين ، ثم يرجع إلى ما هاهنا ، إنما خلونا هاهنا للعبادة ، قال : ما جئت لأعظكم بشيء أفضل مما وعظتم به أنفسكم ، سلني ما شئت قال : ومن أنت ؟ قال : ذو القرنين قال : ما أسألك ، ولا تملك لي شيئا ، فذر ، قال : وكيف ؟ وقد أعطاني الله من كل شيء سببا قال : لا تقدر على أن تأتيني بما لم يقدر لي ، ولا تصرف عني ما قدر لي " .

التالي السابق


الخدمات العلمية