صفحة جزء
368 - أنا صفوان بن عمرو قال : حدثني سليم بن عامر قال : خرجنا في جنازة في باب دمشق ، ومعنا أبو أمامة ، فلما صلى على الجنازة وأخذوا في دفنها ، قال أبو أمامة : " يا أيها الناس ، أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات ، وتوشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر ، وهو هذا ، فيشير إلى القبر ، بيت الوحدة ، وبيت الظلمة ، وبيت الدود ، وبيت الضيق ، إلا ما وسع الله ، ثم تنتقلون منه إلى مواطن يوم القيامة ، فإنكم لفي بعض تلك المواطن حين يغشى الناس أمر من أمر الله ، فتبيض وجوه ، وتسود وجوه ، ثم تنتقلون إلى منزل ، فتغشى الناس ظلمة شديدة ، ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورا ويترك الكافر والمنافق ، فلا يعطيان شيئا من النور ، وهو المثل الذي ضرب الله في كتابه : أو كظلمات في بحر لجي إلى قوله : فما له من نور فلا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن ، كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير ، فيقول المنافقون للذين آمنوا : انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا وهي خدعة الله التي يخدع المنافقين ، قال الله تبارك وتعالى : يخادعون الله وهو خادعهم ، فيرجعون إلى [ ص: 109 ] المكان الذي قسم فيه النور ، فلا يجدون شيئا ، فينصرفون إليهم وقد ضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم نصلي صلاتكم ، ونغزو مغازيكم ؟ قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني إلى قوله : وبئس المصير " ويقول سليم : " فما يزال المنافق مغترا حتى يقسم النور ، ويميز الله بين المؤمن والمنافق " .

التالي السابق


الخدمات العلمية