صفحة جزء
764 - حدثنا يونس بن بكير ، قال : حدثني عمر بن ذر ، ثنا مجاهد ، عن أبي هريرة قال : كان أهل الصفة أضياف الإسلام ، لا يأوون على أهل ولا مال ، ووالله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع ، وأشد الحجر على بطني من الجوع ، ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون فيه ، فمر بي أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله (عز وجل) ما أسأله إلا ليشبعني ، فمر ولم يفعل ، ثم مر عمر فسألته عن آية من كتاب الله (عز وجل) ما أسأله إلا ليشبعني ، فمر ولم يفعل ، ثم مر بي أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - فتبسم حين رآني ، وقال : " يا أبا هر! " قلت : لبيك يا رسول الله ، فقال : " الحق " ، ومضى فأتبعته ودخل منزله ، فاستأذنت ، فأذن لي ، فوجد قدحا من لبن ، فقال : " من أين هذا اللبن لكم ؟ " قيل : أهداه لنا فلان ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أبا هر! " ، قلت : لبيك . قال : الحق إلى أهل الصفة ، فادعهم وهم أضياف الإسلام ، ولا يأوون على أهل ولا مال ، وإذا أتته صدقة بعث بها إليهم ، ولم يتناول منها شيئا ، وإذا أتته هدية أرسل إليهم فأصاب منها وأشركهم فيها ، فساءني ذلك ، وقلت : ما هذا القدح بين أهل الصفة ، وأنا رسوله إليهم فسيأمرني أن أديره عليهم ، فما عسى أن يصيبني منه ، وقد كنت أرجو أن أصيب منه ما يغنيني ، ولم يكن بد من طاعة الله (وطاعة رسوله) ، فأتيتهم فدعوتهم ، فلما دخلوا عليه وأخذوا مجالسهم . قال : " يا أبا هر! خذ القدح فأعطهم " . فأخذت القدح فجعلت أناوله الرجل فيشرب حتى يروى ، ثم يرده وأناوله الآخر ، حتى انتهيت به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد روي القوم كلهم ، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القدح ، فوضعه على يديه ، ثم رفع رأسه إلى (السماء فتبسم) ، (فقال : يا أبا هر ، فقلت : لبيك ، يا رسول الله! قال [ ص: 394 ] : اقعد فاشرب ، فقعدت فشربت) ، ثم قال : اشرب ، فشربت ، ثم قال : اشرب ، فشربت ، ثم قال : اشرب ، فلم أزل أشرب ، ويقول : اشرب ، حتى قلت : والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكا ، فأخذ القدح ، فحمد الله (عز وجل) وسمى ، ثم شرب .

التالي السابق


الخدمات العلمية