صفحة جزء
1761 - حدثنا حميد قال : قال أبو عبيد : أما ما ذكر في الماشية ، أن الصدقة لم تكن تؤخذ من ديونها ، فهو كما قال ، ولم يتنازع المسلمون في ذلك قط ، ولكن هذا نسي ما يدخل عليه ، أنه جعل الدين الصامت قياسا على الحيوان ، وقد فرقت السنة بينهما ، ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث مصدقيه إلى الماشية ، فيأخذونها من أربابها بالكره منهم والرضا ؟ وكذلك كانت الأئمة بعده ، وعلى منع صدقة الماشية قاتلهم أبو بكر الصديق ، ولم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من بعده ، أنهم استكرهوا الناس على صدقة الصامت ، إلا أن يأتوا بها غير مكرهين ، إنما هي أماناتهم يؤدونها أمانة حكم ، وهي فيما بينهم ، وعليهم فيها أداة العين والدين ، لأنها ملك أيمانهم ، وهم مؤتمنون عليها وأما الماشية ، فإنه حكم يحكم بها عليهم ، وإنما تقع الأحكام بين الناس على الأموال الظاهرة ، وهي فيما بينهم وبين الله على الظاهرة والباطنة جميعا ، فأي الحكمين أشد تباينا مما بين هذين الأمرين ؟ ومما يفرق بينهما أيضا ، أن رجلا لو مر بماله الصامت على عاشر فقال : ليس هو لي ، أو : قد أديت زكاته ، كان مصدقا على ذلك ، ولو أن رب الماشية قال للمصدق : قد أديت صدقة ماشيتي ، كان له أن لا يصدقه ، وأن يأخذ منه الصدقة ، في أشباه لهذا كثير . [ ص: 973 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية