صفحة جزء
2028 - قال حميد : أحسن ما سمعنا في العسل ، والزيتون ، أنه ليس فيهما صدقة ، وذلك لأن السنة قد مضت بأنه لا صدقة إلا في الأصناف الأربعة : الحنطة ، والشعير ، والنخل ، والكرم ، وأن معاذا ، وأبا موسى حين بعثا إلى اليمن لم يأخذا إلا منهما ، وأن معاذا سئل عن العسل باليمن ، وهي من أكثر الأرضين عسلا ، فقال : لم أؤمر فيه بشيء ، وأنه ليس له ولا للزيتون ذكر في شيء من الصدقات . وأما حديث عمرو بن شعيب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤخذ في زمانه من قرب العسل ، من كل عشر قرب قربة من أوسطها وحديث بني شبابة ، أنهم كانوا يؤدون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحل ألف عليهم العشر ، فليسا بثابتين ، ولو كانا ثابتين لم يكن فيهما أيضا حجة ؛ لأنه قد بين لك أن بني شبابة هم الذين كانوا يؤدون لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يقل أن رسول الله فرض ذلك عليهم ، فنرى أن ذلك كان شيئا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يحمي لهم وادييهم ، ألا ترى أنهم لما أبوا أن يؤدوا من ذلك إلى عمر ما كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم يكرههم على ذلك ، وأباح وادييهم ؟ وذلك من أجل أن النحل ذباب غيث كما قال عمر يسوقه الله رزقا لمن يشاء من خلقه ، فإذا قام بتعاهده وإصلاحه بعض الناس دون بعض ، ورأى الإمام أن يأخذ منه شيئا يعود نفعه على المسلمين ويحميه لهم ، فعل ذلك وكان ذلك نظرا [ ص: 1096 ] منه له ولهم ، وعلى ذلك حديث أبي سيارة المتعي أيضا عندنا وأما حديث سعد بن أبي ذباب ، فإنه أخبرك أنه هو الذي قال لهم : في العسل زكاة ، فإنه لا خير في مال لا يزكى ولم يذكر أن عمر أمره بذلك ، فإنما وجه ذلك عندنا أنه وإياهم هم الذين رأوا ذلك ، وتطوعوا به ، فقبله عمر منهم ، كما قبل صدقة الخيل والرقيق من الذين تطوعوا بها ، ورزقهم مثلها . ومن أبين الحجج وأوضحها في العسل ، أنه لا صدقة فيه ، أنا لم نجد في شيء من الآثار أنه ليس فيما دون كذا من العسل صدقة ، فإذا بلغ كذا وكذا ففيه كذا وكذا ، كما وجدنا في العين والحرث والثمار والماشية ، ولم نجد له ذكرا في كتب الصدقات .

التالي السابق


الخدمات العلمية