صفحة جزء
505 - حدثنا حميد قال أبو عبيد : فقوله : " فاجتهدت في الفداء ، ثم خمست وقسمت " ينبئك أنه إنما افتداهم بالمال ، لا بافتكاك المسلمين من أيديهم ، وهذا رأي يترخص فيه ناس من الناس ، فأما أكثر العلماء ، فعلى الكراهة لأن يفادى (المشركون) بما يؤخذ منهم ويفدوا بالرجال لما في ذلك من القوة لهم . ومن كرهه الأوزاعي ، وسفيان ، ومالك بن أنس فيما يروى عنهم .

وقد رخص بعضهم في مفاداة نساء المشركين بالمال ، وكلهم يرى أنه يفادى الرجل والنساء بعضهم ببعض .

فأما الصبيان من أولاد المشركين ، فإنه يحكى عن الأوزاعي أنه [ ص: 327 ] كان لا يرى أن يردوا إليهم أبدا ، بفداء ، ولا غيره ، ويرى أن الصغير إذا صار في ملك المسلم ، فهو مسلم ، وإن كان معه أبواه جميعا ، وهما كافران ، ويقول : الملك أولى به من النسب .

وأما أهل العراق ، فإنهم لا يرون بمفاداة الصغير بأسا إذا كان معه أبواه ، أو أحدهما ؛ لأنهم يرونه على دينه إذا سبي معه .

والقول عندي في هذا ما قال الأوزاعي ، وما بال أبويه يكونان أحق به من سيده ، وهما ما داما مملوكين ، وهو مملوك ، فليس بينهما وبينه ولاية ، ولا ميراث ، وسيده أحق به منهما في محياه ومماته ، وجميع أحكامه ، وكذلك الدين ، بل أولى ؛ لأن الإسلام يعلو ، ولا يعلى .

التالي السابق


الخدمات العلمية