صفحة جزء
104 - أنا حميد أنا روح بن أسلم حدثني حماد بن سلمة عن عبد الله بن عثمان بن خثيم قال : كان رسول قيصر جارا لي زمن معاوية بن أبي سفيان ، فقلت له : أخبرني عن كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قيصر . فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أرسل دحية الكلبي إلى قيصر ، وكتب معه إليه كتابا ، يخيره من إحدى ثلاث : إما أن يسلم ، وله ما في يديه من ملكه ، وإما أن يؤدي الخراج . وإما أن يأذن بحرب . قال : فجمع قيصر بطارقته وقسيسيه في قصره ، وأغلق عليهم الباب ، وقال : إن محمدا بعث إلي يخيرني إحدى ثلاث : إما أن أسلم ، ولي ما تحت قدمي من ملكي . وإما أن أرسل إليه بالخراج . وإما أن آذن بحرب . وقد تجدون فيما تقرؤون من كتبكم ، بأنه سيملك ما تحت قدمي من ملكي ، قال : فنخروا نخرة ، حتى أن بعضهم خرجوا من برانسهم ، وقالوا : نحن نرسل إلى رجل [ ص: 124 ] من العرب ، جاء في برديه ونعليه ، بالخراج ؟ فقال : اسكتوا إنما أردت أن أعلم تمسككم بدينكم ورغبتكم فيه . ثم قال : أبغوني رجلا من العرب . قال : فجاؤوا بي وكتب معي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابا ، وقال : انظر ما سقط عنك من قوله ، فلا يسقطن عنك ذكر الليل والنهار . فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مع أصحابه ، وهم محتبون بحمائل سيوفهم ، حول بئر تبوك . فقلت : أيكم محمد ؟ فأومأ بيده إلى نفسه ، فدفعت إليه الكتاب ، فوضعه في حجره ، ثم قال : ممن الرجل ؟ قلت امرؤ من تنوخ ، فقال : هل لك في دين أبيك إبراهيم ، الحنيفية ؟ فقلت : إني رسول قوم وعلى دينهم حتى أرجع إليهم ، قال : فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ونظر إلى أصحابه وإلي ، ثم قال : وتلا هذه الآية ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين ) قال : ثم دفع الكتاب إلى رجل عن يمينه ، فقلت : من هذا ؟ ، فقيل : هذا معاوية بن أبي سفيان . فكتبت اسمه . فلما قرأ الكتاب إذا فيه : كتبت تدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض ، فأين النار ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : سبحان الله ، فإذا جاء الليل فأين النهار ؟ وإذا جاء النهار فأين الليل ؟ فكتبت . ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنك رسول وإن لك حقا ، ولكنك جئتنا ونحن مرملون . فقال عثمان : أنا أكسوه حلة صفورية . فقال رجل من الأنصار : علي ضيافته . وقال لي قيصر فيما قال : انظر إلى ظهره [ ص: 125 ] فنسيت ، فلما قضيت ، قال له جبريل - عليه السلام - إنه قد أمر أن ينظر إلى ظهرك . فدعاني فقال : تعال ، فامض لما أمرت به . وكشف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ظهره ، فرأيت الخاتم في كتفه . وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إني كتبت إلى النجاشي فخرق كتابي والله مخرقه ، وكتبت إلى كسرى - ملك فارس - فمزق كتابي ، والله ممزقه وملكه ، وكتبت إلى قيصر فرجع كتابي ، فلا يزال الناس يجدون بأسا ما كان في العيش خير .

التالي السابق


الخدمات العلمية