صفحة جزء
ص - ( مسألة ) الأمران المتعاقبان بمتماثلين ولا مانع عادة من التكرار من تعريف أو فيه ، والثاني غير معطوف ؛ مثل صل ركعتين ، صل ركعتين ; قيل : معمول بهما .

وقيل : تأكيد .

وقيل بالوقف .

الأول : فائدة التأسيس أظهر ، فكان أولى .

[ ص: 83 ] الثاني : كثر في التأكيد ، ويلزم من العمل مخالفة براءة الذمة ، وفي المعطوف العمل أرجح .

فإن رجح التأكيد بعادي قدم الأرجح .

وإلا فالوقف .


ش - إذا ورد أمر عقيب أمر فلا يخلو إما أن يختلف متعلقاهما ، أو يتماثلا ; فإن اختلفا وأمكن الجمع بينهما عمل بكل منهما ; مثل : صم هذا اليوم وصل ركعتين .

وإن لم يمكن الجمع بينهما فعند من لا يجوز التكليف بالمحال ، يستحيل وقوعهما .

وعند من يجوزه لا يستحيل .

وإن تماثل متعلقاهما ، فلا يخلو من أن يمنع مانع من التكرار من جهة عادة الاستعمال ، كتعريف الثاني بلام العهد ، مثل : أعط درهما ، أعط الدرهم .

أو غير التعريف ، كقول السيد لعبده : اسقني ماء اسقني [ ص: 84 ] ماء ، أو لا يمنع مانع .

فإن كان الأول يكون الثاني تأكيدا للأول .

وإن كان الثاني فلا يخلو من أن يكون الثاني معطوفا على الأول أو غير معطوف .

فإن كان الثاني غير معطوف ، كقول الشارع : صل ركعتين ، صل ركعتين ؛ فقد اختلفوا فيه ; فقيل : معمول بهما ، وقيل : الثاني تأكيد للأول ، وقيل : الوقف .

حجة المذهب الأول : أن الأمر الثاني لا بد وأن يكون له فائدة ، وهي إما التأسيس ، أي جعله شرعا غير الأول ، وإما التأكيد . والتأسيس أظهر ; لأن فائدة التأسيس أكثر من فائدة التأكيد ; وحمل أمر الشرع على ما فائدته أكثر أظهر . وإذا كان التأسيس أظهر كان أولى .

حجة المذهب الثاني : أن العمل بهما يوجب مخالفة براءة الذمة [ ص: 85 ] التي هي الأصل ، ولا يجوز بالاتفاق مخالفة الأصل إلا بدليل قطعي أو ظاهر ، والأمر الثاني الوارد عقيب الأول ليس بقطعي في العمل به ؛ لاحتمال التأكيد ، ولا بظاهر ; لأن التأكيد لكونه كثير الاستعمال في مثل هذه الصور لا يكون مرجوحا .

هذا إذا كان الأمر الثاني غير معطوف على الأول .

أما إذا كان معطوفا على الأول ، مثل : صل ركعتين وصل ركعتين - فالعمل بهما أرجح من التأكيد إن لم يمنع مانع عادي من التغاير بين الأمرين ، كما في المثال المذكور .

وإنما كان العمل بهما أرجح لأن العطف يقتضي التغاير .

وأما إذا منع مانع عادي من التغاير ، مثل قول السيد لعبده : اسقني ماء واسقني ماء فإنه يعمل بالأرجح من العادة المانعة للتغاير والعطف المقتضي له .

وفي المثال المذكور العمل بهما أرجح من التأكيد ؛ لأن العادة والعطف تعارضا . فتبقى فائدة التأسيس سالمة عن المعارض .

وإلا - أي وإن لم يكن واحد من العمل والتأكيد راجحا على الآخر ، مثل : اسقني ماء واسقني الماء - فالوقف بين حمل الثاني على التأكيد أو على التأسيس ; لأن العادة والتعريف في مقابلة التأسيس والعطف ، فلا مرجح لأحدهما على الآخر .

التالي السابق


الخدمات العلمية