صفحة جزء
ص - ( مسألة ) الشافعي والمحققون : للعموم صيغة والخلاف في عمومها وخصوصها كما في الأمر .

وقيل بالوقف ( في ) الأخبار لا الأمر والنهي .

والوقف إما على معنى لا ندري ، وإما نعلم أنه وضع ولا ندري ، أحقيقة أم مجاز ، وهي أسماء الشرط والاستفهام والموصولات والجموع المعرفة تعريف جنس ، والمضافة ، واسم الجنس كذلك ، والنكرة في النفي .

لنا : القطع في : لا تضرب أحدا .

وأيضا : لم يزل العلماء تستدل بمثل ( والسارق ) و ( الزانية ) ، يوصيكم الله في أولادكم .

[ ص: 112 ] وكاحتجاج عمر - رضي الله عنه - في قتال أبي بكر - رضي الله عنه - مانعي الزكاة " : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله .

[ فإذا قالوها حقنوا مني دماءهم وأموالهم " ]
.

وكذلك : " الأئمة من قريش " .

" ونحن - معاشر الأنبياء - لا نورث " .

وشاع وذاع ولم ينكره أحد .

قولهم : فهم بالقرائن ، يؤدي إلى أن لا يثبت للفظ مدلول ظاهر أبدا .

والاتفاق في ( من دخل داري فهو حر أو طالق ، أنه يعم ) .

( وأيضا : كثرة الوقائع ) .


ش - اختلف العلماء في أنه هل يكون للعموم صيغة أم لا على معنى عمومها وخصوصها ؛ أي في أن الصيغ المستعملة للعموم هل هي خاصة بالعموم أو عامة له ولغيره كالخلاف في الأمر في أنه هل [ ص: 113 ] يكون له صيغة مخصوصة به أم لا ؟

فذهب الشافعي والمحققون إلى أن للعموم صيغة مخصوصة ؛ أي تستعمل في العموم بطريق الحقيقة ، واستعمالها في غيره بطريق المجاز .

وقيل بالوقف في الأخبار ، لا في الأمر والنهي .

ثم الوقف يحمل على معنيين :

أحدهما : أنه لا ندري وضع هذه الصيغ للعموم .

وثانيهما : أنا ندري وضعها للعموم ولكن لا نعلم أنها حقيقة في العموم أو مجاز .

والصيغ المستعملة في العموم هي أسماء الشرط ؛ مثل من دخل داري فهو حر أو طالق .

والاستفهام ؛ نحو من يأتيك ، والموصولات ؛ كالذي ، والتي ، وما ، ومن .

والجموع المعرفة تعريف جنسي ، سواء كان جمع مذكر أو مؤنث ، سالم أو مكسر ، جمع قلة أو كثرة .

والجموع المضافة .

[ ص: 114 ] واسم الجنس المعرف تعريف الجنس .

والنكرة في سياق النفي .

واحتج المصنف على أن النكرة في سياق النفي عام حقيقة ؛ لأنا نقطع بأن قول السيد لعبده : لا تضرب أحدا عام ، والأصل الحقيقة .

واحتج أيضا على أن المفرد المعرف بلام الجنس والجمع المضاف عام حقيقة بأن العلماء لم يزالوا يستدلون على العموم بمثل ( السارق والسارقة ) ومثل ( الزانية والزاني ) ومثل ( يوصيكم الله في أولادكم ) . وشاع استدلالهم بها على العموم وذاع ، ولم ينكر عليهم أحد فيكون ذلك إجماعا على أن المفرد المعرف بلام الجنس ، والجمع المضاف عام حقيقة .

واحتج أيضا على أن الجمع المعرف بلام الجنس عام حقيقة ، بأن عمر احتج في قتال أبي بكر مانعي الزكاة بقوله عليه السلام : [ ص: 115 ] " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " على عدم جواز القتال ، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ، بل عدل أبو بكر إلى الاستثناء وهو قوله عليه السلام " إلا بحقه " والزكاة من حقها .

فلو لم يكن الجمع المعرف بلام الجنس عاما لما جاز استدلال عمر به على عدم جواز القتال ، ولم يعدل أبو بكر إلى الاستثناء .

وبأن أبا بكر احتج ، حين طلب الأنصار الإمامة ، بقوله عليه السلام : " الأئمة من قريش " .

[ ص: 116 ] واحتج أيضا حين طلبت فاطمة ميراث الرسول عليه السلام بقوله عليه السلام : " نحن - معاشر الأنبياء - لا نورث ؛ ما تركناه صدقه " ولم ينكر أحد هذه الاحتجاجات ، وشاع وذاع . فيكون إجماعا على أن الجمع المعرف بلام الجنس والجمع المضاف عام .

[ ص: 117 ] فإن قيل : لا نسلم أن فهم العموم في هذه الصور من ظاهر اللفظ بل فهموه بالقرآن .

( أجيب بأن تجويز الفهم في هذه الصور بالقرائن يؤدي ) إلى أن لا يثبت للفظ مدلول ظاهر ؛ إذ ما من لفظ ظاهر إلا ويجوز أن يقال : إنما فهم مدلوله بسبب القرينة لا بدلالة اللفظ عليه .

واحتج أيضا على أن أسماء الشرط عامة بأن الإجماع منعقد على أن " من " في قول القائل ( من دخل داري من عبيدي فهو حر ) ، ( ومن دخل داري من نسائي فهي طالق ) عام .

التالي السابق


الخدمات العلمية