صفحة جزء
ص - ( مسألة ) الاستثناء المستغرق باطل باتفاق .

والأكثر على جواز المساوي والأكثر .

وقالت الحنابلة والقاضي بمنعهما .

وقال بعضهم والقاضي ( أيضا ) بمنعه في الأكثر خاصة .

[ ص: 272 ] وقيل : إن كان العدد صريحا .

لنا : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ) .

والغاوون أكثر ، بدليل : " وما أكثر الناس " .

فالمساوي أولى .

وأيضا : " كلكم جائع إلا من أطعمته " .

وأيضا : فإن فقهاء الأمصار على أنه لو قال : ( علي ) عشرة إلا تسعة - لم يلزمه إلا درهم .

ولولا ظهوره لما اتفقوا ( عليه ) عادة .


ش - الاستثناء إما أن يكون مستغرقا ( للمستثنى منه ) أو أكثر من الباقي أو مساويا له ، أو أقل .

والأول باطل بالاتفاق .

مثل أن يقول : علي عشرة إلا عشرة .

والرابع ( جائز بالاتفاق ) مثل أن يقول : علي ( عشرة إلا أربعة [ ص: 273 ] والثاني والثالث مختلف فيه .

فذهب الأكثر إلى جوازهما ، مثل قول القائل : علي عشرة إلا ستة أو خمسة .

وذهبت الحنابلة والقاضي أولا إلى منعهما .

وقال بعض الأصوليين والقاضي آخرا بمنع الجواز في الأكثر خاصة دون المساوي .

وقيل : إن كان العدد صريحا لم يجز استثناء الأكثر خاصة ؛ مثل قول القائل : علي عشرة إلا تسعة .

وإن لم يكن العدد صريحا جاز استثناء الأكثر أيضا ، مثل خذ هذه الدراهم إلا ما في الكيس ( الفلاني ) وكان ما في الكيس أكثر من الباقي .

واختار المصنف المذهب الأول ، واحتج عليه بثلاثة وجوه : الأول - أنه لو لم يجز استثناء الأكثر لما وقع في القرآن .

والتالي باطل ; لقوله تعالى : إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين .

[ ص: 274 ] فإنه قد استثني الغاوون من العباد ، والغاوون أكثر من الباقي ; لقوله تعالى : وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين .

وإذا جاز استثناء الأكثر فالمساوي أولى ; لأن الأكثر يشتمل على المساوي والزيادة .

( وهذا ليس بحجة على منع جواز استثناء الأكثر في العدد الصريح .

قيل ) ليس بحجة مطلقا ; لأنه إنما يكون حجة أن لو كان الاستثناء من الجنس ، وليس كذلك ; لأن الغاوين ليسوا داخلين تحت العباد ; لأن العباد هم المؤمنون المخلصون .

أجيب بأنا لا نسلم أن الغاوين ليسوا من جنس العباد ; لأن العباد غير مختصين بالمخلصين بدليل اتصاف العباد بالمخلصين .

فإن قيل : انضاف العباد بالمخلصين للمدح لا للتخصيص ، [ ص: 275 ] أجيب بأن الأصل في الوصف ، التخصيص ، فلو حمل الوصف على المدح يلزم خلاف الأصل من وجهين :

أحدهما - الاستثناء المنقطع ، والثاني الوصف للمدح .

الثاني - أنه لو لم يجز استثناء الأكثر لما وقع .

والتالي باطل ; لقوله صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل " كلكم جائع إلا من أطعمته " مع كون من أطعمه أكثر ، وهذا أيضا ليس بحجة على القائل بعدم جواز استثناء الأكثر في العدد الصريح .

[ ص: 276 ] الثالث - اتفق فقهاء الأمصار على أنه لو قال قائل : علي عشرة إلا تسعة لم يلزمه إلا درهم واحد .

ولولا ظهور جواز استثناء الأكثر لما اتفقوا عليه ; لأن عادتهم أن لا يتفقوا على غير الظاهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية