صفحة جزء
[ ص: 299 ] ص - وهو عقلي كالحياة للعلم ، وشرعي كالطهارة ، ولغوي ، مثل أنت طالق إن دخلت ( الدار ) وهو في السببية أغلب وإنما استعمل في الشرط الذي لم يبق للمسبب سواه . فلذلك يخرج به ما لولاه لدخل لغة .

مثل أكرم بني تميم إن دخلوا ، فيقصره الشرط على الداخلين .


ش - الشرط ينقسم إلى عقلي وشرعي ولغوي ; لأنه إما أن يحكم العقل بشرطيته ، أو لا ، والأول : هو الشرط العقلي ، كالحياة للعلم ; فإن العقل يحكم بانتفاء العلم عند انتفاء الحياة ، ولا يحكم بوجود العلم عند وجود الحياة .

والثاني إما أن يكون الشرع قد حكم بشرطيته أو لا ، والأول : هو الشرط الشرعي ، كالطهارة للصلاة .

والثاني : اللغوي ؛ مثل : إن دخلت الدار فأنت طالق ; فإن دخول الدار ليس شرطا لوقوع الطلاق شرعا ، ولا عقلا ، بل من الشرط التي وضعها أهل اللغة .

وصيغة الشرط اللغوي : ( إن ) المخففة ، و ( إذا ) و ( من ) و ( ما ) [ ص: 300 ] و ( مهما ) و ( حيثما ) و ( إذ ما ) و ( أينما ) .

والشرط اللغوي أغلب استعماله في السببية العقلية ، نحو : إذا طلعت الشمس فالعالم مضيء .

والشرعية نحو : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا ) .

فإن طلوع الشمس سبب لضوء العالم عقلا ، والجنابة سبب لوجود التطهير شرعا .

وإنما استعمل الشرط اللغوي في الشرط الذي لم يبق للمسبب شرط آخر سواه ، أي يستعمل في الشرط الأخير نحو : إن تأتني أكرمك . فإن الإتيان شرط لم يبق للإكرام سواه ; لأنه إذا أدخل الشرط اللغوي عليه علم أن أسباب الإكرام حاصلة ، ولكن توقف على حصول الإتيان .

قوله : " ولذلك " أي ولأجل أن الشرط مخصص يخرج به ، أي بالشرط من الكلام ما لولاه ، أي الشرط - لدخل فيه لغة ، وذلك نحو : أكرم بني تميم إن دخلوا الدار ؛ فإن الشرط يقصر الإكرام على الداخلين من بني تميم ، ويخرج منه غير الداخلين ، ولولا الشرط لعم الإكرام .

وقيد بقوله : " لغة " ليدخل فيه قولنا : أكرم بني تميم أبدا إن قدرت ; لأن حالة عدم القدرة معلومة الخروج بدليل العقل من غير الشرط ، لكن خروجها عنه عقلا ، لا ينافي دخولها فيه لغة ، فيصدق في مثل هذه الصورة : لولا الشرط لدخل فيه لغة .

[ ص: 301 ] قيل : قوله : " لذلك " أي فلأجل أن الشرط : ما يستلزم نفيه نفي أمر على غير جهة السببية ، يخرج به لولاه لدخل فيه لغة .

وهو غير بعيد عن الصواب ; لأنه لولا شرط الدخول لعم الإكرام . لكن لما تحقق شرط الدخول خرج غير الداخلين من المأمورين بإكرامهم .

ومن الشارحين من حمل قوله : " وإنما استعمل على أن الشرط اللغوي يستعمل فيما ليس بسبب في الواقع ، ولكن بشرط أن يحصل السبب عند حصوله لوجود ما يتوقف عليه سوى الشرط المذكور ، نحو : إن تأتيني أكرمك . فإن الإتيان ليس سبب الإكرام لا شرعا ولا عقلا ، ولكن دخل عليه الشرط اللغوي فعلم أن الأسباب الموجبة للإكرام حاصلة ، لكن توقف على حصول الإتيان .

ثم قال : قوله : ولذلك يخرج ما لولاه لدخل " أي لأن المدخول عليه أداة الشرط مما ليس بسبب ، بل هو شرط لم يبق للمسبب سواه ، خرج ما لولاه - لدخل لوجود الأسباب الموجبة ، فإنه لو قيل : أكرم بني تميم واقتصر عليه - لكان غير الداخل أيضا مأمورا بإكرامه .

قوله : " لدخل لغة " أي الوضع اللغوي اقتضى الدخول .

وإن كان ثم ممانع كان من خارج اللغة .

[ ص: 302 ] هذا ما قاله .

وهذا أيضا ليس ببعيد .

التالي السابق


الخدمات العلمية