صفحة جزء
ص - لنا : ( فأن لله خمسه ) ( ولذي القربى ) ثم بين - عليه السلام - أن السلب للقاتل ، إما عموما وإما برأي الإمام ، وأن ذوي القربى : بنو هاشم دون بني أمية وبني نوفل .

ولم ينقل اقتران إجمالي مع أن الأصل عدمه .

وأيضا : " أقيموا الصلاة " ثم بين جبريل والرسول عليهما السلام .

وكذلك الزكاة ، وكذلك السرقة ، ثم بين على تدريج ، وأيضا : فإن جبريل - عليه السلام - قال : ( اقرأ ) قال - عليه الصلاة والسلام - : " ما أقرأ " وكرر ثلاثا - ثم قال : اقرأ باسم ربك الذي خلق .

واعترض بأنه متروك الظاهر ; لأن الفور يمتنع تأخيره ، والتراخي يفيد جوازه في الزمن الثاني فيمتنع تأخيره .

[ ص: 395 ] وأجيب بأن الأمر قبل البيان لا يجب به شيء . وذلك كثير .


ش - واحتج المصنف على جواز تأخير البيان إلى وقت الحاجة بأمور :

الأول قوله تعالى : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى فإنه أثبت خمس الغنيمة مطلقا للمذكورين ، وأثبت لذي القربى عموما نصيبا ، وكل واحد من الغنيمة وذوى القربى مما له ظاهر أريد خلافه من غير ذكر البيان الإجمالي والتفصيلي معه .

ثم بين بعد ذلك أن السلب للقاتل إما بالعموم المستفاد من قوله : " من قتل قتيلا فله سلبه " وإما برأي الإمام ، كما هو مذهب أبي حنيفة .

وأيضا بين أن ذوي القربى بنوها ثم دون بني أمية وبني نوفل .

[ ص: 396 ] فإن قيل لم لا يجوز أن يكون البيان الإجمالي مقترنا به ، وما تأخر هو البيان التفصيلي ؟ .

أجيب : لم ينقل اقتران بيان إجمالي ، والأصل عدمه .

الثاني - قوله : وأقيموا الصلاة فإن في ابتداء نزوله كان الصلاة ظاهرة في مطلق الدعاء مع أن المراد منها ذات الأركان ولم يقترن بها بيان أنه أراد ذات الأركان ، لا إجمالا ولا تفصيلا ، ثم بين بعد ذلك جبريل للرسول - عليه السلام - وبين الرسول - عليه السلام - للأمة .

وكذلك الزكاة ، فإنها في ابتداء نزول قوله تعالى : وآتوا الزكاة " ظاهرة في النماء مع أن المراد منها المقدار المخرج من النصاب [ ص: 397 ] ولم يقترن به بيان إجمالي ولا تفصيلي ، ثم بين بعد ذلك أن المراد منها المقدار المخرج من النصاب .

وكذلك السرقة ، فإن قوله تعالى : والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ظاهر في قطع يد السارق مطلقا ، ولم يقترن به بيان أن المراد منه المقيد ، ثم بين ذلك الرسول - عليه السلام - المقدار الذي يجب به القطع .

الثالث أن جبريل - عليه السلام - في ابتداء الوحي - نزل إلى الرسول - عليه السلام - وقال : " اقرأ " - فقال الرسول - عليه السلام - وما أقرأ ، وكرر جبريل - عليه السلام - ثلاثا ، ثم قال : " اقرأ باسم ربك الذي خلق " . وهذا دليل جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب ، وإلا لم يؤخر جبريل البيان عن المرة الأولى ، واعترض بأن الأوامر التي ذكرتم متروكة الظواهر ، فلا يصح التمسك بها اتفاقا .

وإنما قلنا : إنها متروكة الظواهر ; لأنها لا يمكن إجراؤها على ظواهرها ; لأن إجراءها على الظواهر يوجب جواز تأخير بيانها ، وجواز تأخير بيانها ممتنع ، لأن الأمر إما للفور أو للتراخي ، فإن كان [ ص: 398 ] للفور امتنع تأخير البيان عن وقت الخطاب ; لأن وقت الخطاب وقت الحاجة ، وإن كان للتراخي فجاز الفعل في الوقت الثاني ، فيمتنع تأخير البيان عن ذلك الوقت .

أجاب بأن الأمر قبل البيان لا يجب به شيء ، فلا يفيد قبل البيان الفور والتراخي .

والأمر الذي لم يجب به شيء كثير في العرف ، كقول السيد لعبده : افعل مطلقا ؛ فإنه لا يجب بمجرد هذا القول على العبد شيء قبل البيان .

التالي السابق


الخدمات العلمية