صفحة جزء
[ ص: 431 ] ص ( المنطوق ) والمفهوم

الدلالة منطوق ، وهو : ما دل عليه اللفظ في محل النطق ، والمفهوم ، بخلافه ، أي لا في محل النطق .

والأول صريح ، وهو : ما وضع اللفظ له .

وغير الصريح ، بخلافه ، وهو : ما يلزم عنه .

فإن قصد وتوقف الصدق أو الصحة العقلية أو الشرعية عليه فـ " دلالة اقتضاء " . مثل : " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان " .

( واسأل القرية ) وأعتق عبدك عني على ألف ، لاستدعائه تقدير الملك ، لتوقف العتق عليه .

وإن لم يتوقف واقترن بحكم لو لم يكن لتعليله - كان بعيدا فـ " تنبيه وإيماء " كما سيأتي .

وإن لم يقصد فـ " دلالة إشارة " .

مثل - : " النساء ناقصات عقل ودين . قيل : وما نقصان دينهن ؟ قال - عليه الصلاة والسلام - : تمكث إحداهن شطر دهرها لا تصلي " ؛ فليس المقصود بيان أكثر [ ص: 432 ] الحيض وأقل الطهر ، ولكنه لزم من أن المبالغة ( في نقصان دينهن ) تقتضي ذكر ذلك .

وكذلك ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) : مع ( وفصاله في عامين ) .

( وكذلك ) ( أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ) يلزم منه جواز الإصباح جنبا .

ومثله : ( فالآن باشروهن ) إلى ( حتى يتبين لكم ) .


ش - الدلالة تنقسم إلى منطوق ومفهوم .

والمنطوق : ما دل عليه اللفظ في محل النطق ؛ مثل : تحريم التأفيف . فإن قوله تعالى : فلا تقل لهما أف يدل عليه في محل النطق .

والمفهوم بخلافه ، وهو : ما دل اللفظ عليه لا في محل [ ص: 433 ] النطق . مثل تحريم الضرب ؛ فإن قوله تعالى : فلا تقل لهما أف يدل عليه ، لكن لا في محل النطق .

والمنطوق صريح وغير صريح .

فالصريح : ما وضع له اللفظ .

وغير الصريح بخلافه ، وهو : ما يلزم عما وضع له اللفظ .

وغير الصريح لا يخلو إما أن يقصده المتكلم ، أو لا ، فإن قصده وتوقف صدق المتكلم عليه ، أو توقف الصحة العقلية عليه ، أو توقف الصحة الشرعية عليه ، يسمى دلالة اللفظ عليه " دلالة اقتضاء " .

مثال ما توقف صدق المتكلم عليه : قوله - عليه السلام - : " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان " ؛ فإن ما هو لازم للمعنى الموضوع له لفظ الخطأ ، وهو حكم الخطأ مقصود منه ، وتوقف صدقه عليه .

مثال ما توقف عليه الصحة العقلية : قوله تعالى : " واسأل القرية " . فإن ما هو لازم للمعنى الموضوع له لفظ القرية وهو [ ص: 434 ] الأهل ، مقصود منه ، وتوقف الصحة العقلية عليه ; لأن سؤال القرية غير صحيح عقلا .

مثال ما توقف عليه الصحة الشرعية : قولك للغير : ( أعتق عبدك عني على ألف ; فإنه يستدعي التمليك ؛ لتوقف العتق عليه شرعا . فالتمليك لازم للمعنى الذي وضع له لفظ أعتق عني " ، وهو مقصود ، وتوقف عليه الصحة الشرعية .

وإن لم يتوقف أحد هذه الثلاثة على ما يلزم عما وضع له اللفظ واقترن الملفوظ به بحكم لو لم يكن ذلك الحكم لتعليل الملفوظ به - كان الإتيان به بعيدا من الشارع فـ " تنبيه وإيماء " كما سيأتي في باب القياس .

وإن لم يقصد المتكلم ما يلزم عما وضع له اللفظ ، لكن يحصل بالتبعية - فدلالة اللفظ عليه " دلالة إشارة " .

مثل قوله - عليه السلام - : " النساء ناقصات عقل ودين ، قيل وما نقصان دينهن ; قال : تمكث إحداهن [ ص: 435 ] شطر دهرها لا تصلي " ، فليس المقصود من هذا القول : بيان أكثر الحيض وأقل الطهر ، ولكنه لزم منه أن أكثر الحيض خمسة عشر يوما ، وأقل الطهر كذلك لأن ذكر شطر الدهر مبالغة في بيان نقصان دينهن ، ولو كان الحيض يزيد على خمسة عشر يوما لذكره . وكذلك قوله تعالى : ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) مع قوله : ( وفصاله في عامين ) يدل على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر ، وإن لم يكن ذلك مقصودا من اللفظ ظاهرا .

وكذلك قوله تعالى : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم يلزم منه جواز الإصباح جنبا ، وإن لم يكن مقصودا ; لأن من باشر آخر الليل لا بد وأن يتأخر غسله إلى النهار فحينئذ [ ص: 436 ] يلزم جواز الإصباح جنبا .

وكذلك قوله تعالى : فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود يدل على جواز الإصباح جنبا ; لأنه يدل على جواز امتداد المباشرة إلى طلوع الفجر ، فحينئذ يلزم ما ذكرناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية