صفحة جزء
ص - ( مسألة ) المختار أن القياس المظنون لا يكون ناسخا ولا منسوخا .

أما الأول - فلأن ما قبله إن كان قطعيا ، لم ينسخ بالمظنون .

وإن كان ظنيا تبين زوال شرط العمل به ، وهو رجحانه ; لأنه ثبت مقيدا ، كان المصيب واحدا أو لا .

وأما الثاني - فلأن ما بعده - قطعيا أو ظنيا - تبين زوال شرط العمل به .

وأما المقطوع - فينسخ بالمقطوع في حياته ، وأما بعده - فتبين أنه كان منسوخا .

قالوا : صح التخصيص فيصح .

[ ص: 558 ] قلنا : منقوض بالإجماع والعقل وخبر الواحد .


ش - اعلم أن القياس المقطوع هو ما يكون حكم أصله والعلة ووجودها في الفرع قطعيا .

والمظنون ما لا يكون كذلك ، بل يكون بعضها قطعيا ، والباقي ظنيا ، أو لا يكون واحد منها قطعيا .

والمختار عند المصنف أن القياس المظنون لا يكون ناسخا ولا منسوخا .

أما الأول - وهو أن القياس المظنون لا يكون ناسخا - فلأن ما قبله ؛ أي ما قبل القياس المظنون ، وهو الذي ينسخ بالقياس المظنون ، إن كان قطعيا - لا يكون القياس المظنون ناسخا له ; لأن المقطوع لا ينسخ بالمظنون .

وإن كان ما قبل القياس المظنون ظنيا تبين بالقياس المظنون زوال شرط العمل به ، وهو رجحانه ; لأن العمل بالمظنون الذي هو قبل القياس المظنون مقيد برجحانه على معارضه ، سواء كان المصيب واحدا أو لا .

وإذا زال شرط العمل به لم يكن ثابتا ، وإذا لم يكن ثابتا لا يكون منسوخا بالقياس المظنون ؛ لأن النسخ بعد الثبوت .

وأما الثاني - وهو أن القياس المظنون لا يكون منسوخا - فلأن ما بعد القياس المظنون قطعيا أو ظنيا تبين زوال شرط العمل بالقياس المظنون ، وهو رجحانه ، كما بينا في الأول ، وإذا زال شرط العمل به لا يكون منسوخا لما مر .

[ ص: 559 ] وأما القياس المقطوع فينسخ بدليل مقطوع في حياة الرسول - عليه السلام - ; لأن حكم هذا القياس كحكم النص القاطع ، فكما جاز نسخ القاطع بالقاطع فكذلك جاز نسخ القياس القطعي بالقاطع .

وأما بعد الرسول - عليه السلام - فلو عمل المجتهد بالقياس القطعي ، لعدم اطلاعه على ناسخه ، ثم اطلع على الناسخ تبين أنه كان منسوخا في عهد الرسول .

القائلون بأن القياس المظنون يجوز أن يكون ناسخا ، قالوا : صح التخصيص بالقياس المظنون ، فيصح النسخ به ; لأن النسخ بيان كالتخصيص .

أجاب بأن هذا الدليل منقوض بالإجماع والعقل وخبر الواحد ؛ فإنه يجوز التخصيص بكل منها ، ولا يجوز النسخ به .

التالي السابق


الخدمات العلمية