صفحة جزء
ص - الرابع : المناسبة والإخالة ، وتسمى تخريج المناط ، وهو تعيين العلة بمجرد إبداء المناسبة من ذاته ، لا بنص ولا غيره ، كالإسكار في التحريم ، والقتل العمد العدوان في القصاص .

والمناسب : وصف ظاهر منضبط يحصل عقلا من ترتيب الحكم عليه ما يصلح أن يكون مقصودا من حصول مصلحة أو دفع مفسدة .

[ ص: 111 ] فإن كان خفيا أو غير منضبط ، اعتبر ملازمه ، وهو المظنة ; لأن الغيب لا يعرف الغيب ، كالسفر للمشقة ، والفعل المقضي عليه عرفا بالعمد في العمدية .

وقال أبو زيد : المناسب ما لو عرض على العقول تلقته بالقبول .


ش - المسلك الرابع : المناسبة ، ويرادفها : الإخالة ، وتخريج المناط ، وهو عبارة عن تعيين العلة في الأصل بمجرد إبداء المناسبة من ذات الوصف ، لا تعيين العلة بنص وغيره ، كإجماع ، وذلك كتعيين الإسكار لتحريم الخمر بمجرد إبداء المناسبة من ذات الإسكار ، وكتعيين القتل العمد العدوان لوجوب القصاص بمجرد إبداء المناسبة من ذات القتل العمد العدوان .

والأول مثال للعلة البسيطة ، والثاني للعلة المركبة . والمناسبة لغوية ، فلا يلزم دور .

والمناسب : وصف ظاهر منضبط يحصل عقلا من ترتيب الحكم عليه - أي على ذلك الوصف - ما يصلح أن يكون مقصودا [ ص: 112 ] من حصول مصلحة ، أو دفع مفسدة .

وقوله : " ظاهر منضبط " احتراز عن الوصف الخفي والغير المنضبط . وقوله : " ما يصلح أن يكون مقصودا " احتراز عن الوصف المستبقى في السبر ، وعن الوصف المدار في الدوران وعن غيرهما . وقوله : " من حصول مصلحة أو دفع مفسدة " بيان لقوله : ما يصلح .

فإن كان الوصف خفيا ، أو غير منضبط ، اعتبر ملازمه ، وهو المظنة .

وإنما لم يعتبر الخفي وغير المنضبط ; لأنه لا يجوز التعليل بكل منهما ; لأن كلا منهما غيب عن العقل للخفاء وعدم الضبط ، والغيب عن العقل لا يعرف الغيب عنه ، أعني الحكم .

مثال المظنة : السفر للمشقة ، فإن المشقة ما لم تكن منضبطة ، اعتبر السفر الذي هو مظنتها ، ولم يعتبرها .

والفعل الذي قضي عليه في العرف بالعمدية في الجناية العمدية ، فإن العمد لما كان خفيا ، اعتبر مظنته ، وهو الفعل المذكور ، والأول مثال لغير المنضبط ، والثاني للخفي .

[ ص: 113 ] ومن الشارحين من جعل المظنة قسما من المناسب ، والظاهر من كلام المصنف هاهنا أنها قسيم للمناسب ، وقد جعلها المصنف قسيما للمناسب صريحا حيث بين أن العدم لا يجوز أن يكون علة للحكم الثبوتي .

وقال أبو زيد الدبوسي من أصحاب أبي حنيفة : المناسب ، ما لو عرض على العقول السليمة ، تلقته بالقبول ، أي لو عرض على العقول السليمة أن هذا الحكم لأجل هذا الوصف ، تلقته بالقبول .

التالي السابق


الخدمات العلمية