صفحة جزء
ص - ( مسألة ) : القائلون بالجواز ، قائلون بالوقوع ، إلا داود وابنه والقاشاني والنهرواني ، والأكثر بدليل السمع .

[ ص: 152 ] والأكثر قطعي ، خلافا لأبي الحسين .

لنا : ثبت بالتواتر عن جمع كثير من الصحابة العمل به عند عدم النص ، وإن كانت التفاصيل آحادا ، والعادة تقضي بأن مثل ذلك لا يكون إلا بقاطع .

وأيضا : تكرر وشاع ولم ينكر ، والعادة تقضي بأن السكوت في مثله وفاق .

فمن ذلك رجوعهم إلى أبي بكر في قتال بني حنيفة على الزكاة .

ومن ذلك قول بعض الأنصار في أم الأب : تركت التي لو كانت هي الميتة ، ورث الجميع ، فشرك بينهما .

وتوريث عمر - رضي الله عنه - المبتوتة بالرأي .

وقول علي لعمر - رضي الله عنهما - لما شك في قتل الجماعة بالواحد : أرأيت لو اشترك نفر في سرقة .

ومن ذلك إلحاق بعضهم الجد بالأخ ، وبعضهم بالأب ، وذلك كثير .


ش - القائلون بجواز وقوع التعبد بالقياس عقلا ، قائلون [ ص: 153 ] بوقوع التعبد به ، إلا داود الأصفهاني وابنه ، والقاشاني والنهرواني .

ثم القائلون بوقوع التعبد به اختلفوا في أن وقوع التعبد به بدليل السمع أو العقل .

[ ص: 154 ] فذهب الأكثر منهم إلى وقوع التعبد بدليل السمع .

ثم القائلون بوقوع التعبد بدليل السمع اختلفوا ; فذهب الأكثر منهم إلى وقوع التعبد به بدليل السمع الذي هو قطعي ، وخالفهم أبو الحسين البصري .

واحتج المصنف على وقوع التعبد به بدليل سمعي قطعي بوجهين :

الأول : أنه ثبت بالتواتر عن جمع كثير من الصحابة العمل بالقياس عند عدم النص ، وإن كانت تفاصيل ما نقل إلينا من العمل بالقياس آحادا ، فإنه لا يمنع تواتر القدر المشترك بين التفاصيل ، وهو العمل به في الجملة .

والعادة تقضي بأن اجتماع جمع كثير من الصحابة على العمل بما هو أصل ، لا يكون إلا بقاطع دال على العمل به .

الثاني : أنه تكرر عمل أكثر الصحابة بالقياس عند عدم النص ، وشاع وذاع ، ولم ينكر عليه أحد .

والعادة تقضي بأن سكوت الباقين من الصحابة في مثل ذلك لا يكون إلا للموافقة ، فيكون الإجماع القطعي حاصلا على أن القياس يعتد به .

ثم ذكر المصنف وقائع قد عمل فيها الصحابة بالقياس ، [ ص: 155 ] فمن ذلك : رجوع الصحابة إلى اجتهاد أبي بكر في أخذ الزكاة من بني حنيفة ، وقتالهم على الزكاة لقياسهم خليفة رسول الله على رسول الله في أخذ الزكاة بواسطة أخذها للفقراء .

ومن ذلك : قول بعض الأنصار لأبي بكر ، لما ورث أم الأم ، ولم يورث أم الأب : لقد ورثت امرأة من ميت ، لو كانت هي الميتة ، لم يرثها ، وتركت امرأة لو كانت هي الميتة ، ورث جميع ما تركت . فرجع أبو بكر عن القول الأول ، وشرك السدس بين أم الأم وأم الأب .

ومن ذلك : أن عمر ورث المبتوتة بالرأي .

[ ص: 156 ] ومن ذلك : قول علي لعمر - رضي الله عنهما - لما شك عمر في قتل الجماعة بالواحد : أرأيت لو اشترك نفر في سرقة ، أكنت تقطعهم ؟ قال عمر : نعم . فقال علي : فكذلك هاهنا .

ومن ذلك : إلحاق بعض الصحابة الجد بالأخ ، وبعضهم بالأب في إسقاط الأخوة .

[ ص: 157 ] إلى غير ذلك من الوقائع التي لا تحصى .

التالي السابق


الخدمات العلمية