صفحة جزء
ص - الثالث : فساد الوضع ، وهو كون الجامع ثبت اعتباره بنص أو إجماع في نقيض الحكم ، مثل : مسح فيسن فيه التكرار كالاستطابة .

فيرد أن المسح معتبر في كراهة التكرار على الخف ، وجوابه ببيان المانع لتعرضه للتلف ، وهو نقص إلا أنه يثبت النقيض ، فإن ذكره بأصله ، فهو القلب ، فإن بين مناسبته للنقيض من غير أصل من الوجه المدعى ، فهو القدح في المناسبة .

ومن غيره لا يقدح ; إذ قد يكون للوصف جهتان ، ككون المحل مشتهى يناسب الإباحة لإراحة الخاطر ، والتحريم لقطع أطماع النفس .

[ ص: 186 ]
ش - الاعتراض الثالث : فساد الوضع ، وهو أن يكون الجامع قد ثبت اعتباره بنص أو إجماع في نقيض الحكم ، مثل قول الشافعي في كون التكرار سنة في مسح الرأس مسح ، فيسن فيه التكرار قياسا على الاستطابة وهي الاستنجاء ، فإنه مسح ، وقد نص سن التكرار فيه بالاتفاق .

فيرد المعترض هذا القياس بأنه فاسد الوضع ; إذ المسح الذي هو الجامع اعتبر بالإجماع في كراهية التكرار في مسح الخف ، وكراهية التكرار نقيض الحكم الذي هو استحباب التكرار .

وجواب المستدل عن هذا الرد ببيان المانع من التكرار في مسح الخف ، فإن الخف لتعرضه للتلف كره فيه تكرار المسح المفضي إلى تلفه ، فكون الخف متعرضا للتلف مانع من استحباب تكرار المسح فيه .

وسؤال فساد الوضع نقض الحقيقة ; لأنه إثبات للوصف الجامع الذي هو المسح بدون الحكم الذي هو استحباب تكرار المسح ، إلا أن الوصف الجامع هاهنا أثبت نقيض الحكم ، فيكون نقضا خاصا .

[ ص: 187 ] فإن ذكر المعترض نقيض الحكم مع أصله ، بأن يقول : لا يسن تكرار مسح الرأس قياسا على تكرار مسح الخف بجامع كون كل منهما مسحا ، فهو القلب ; لتوافق قياس المستدل وقياس المعترض في الجامع والفرع ، وتخالفهما في الحكم ، إلا أنهما لم يتوافقا في الأصل المقيس عليه ، فإن الأصل في قياس المستدل الاستطابة ، وفي قياس المعترض الخف . وإن بين المعترض مناسبة الوصف الجامع لنقيض الحكم ، ولم يذكر أصله ، فلا يخلو من أن يكون بيان المناسبة من الوجه الذي ادعى المستدل مناسبته للحكم أو من غير هذا الوجه .

فإن بينها من هذا الوجه ، فهو القدح في مناسبة الوصف للحكم ; لأن الوصف الواحد لا يناسب الحكم ونقيضه من جهة واحدة .

وإن بين المناسبة من غير هذا الوجه ، لا يكون قدحا في مناسبة الوصف للحكم ; لجواز أن يكون لوصف واحد جهتان يناسب بإحداهما للحكم بالآخر لنقيضه ، ككون المحل المشتهى ، فإنه يناسب الإباحة لإراحة الخاطر ، ويناسب التحريم لقطع أطماع النفس .

التالي السابق


الخدمات العلمية