صفحة جزء
[ ص: 191 ] ص - الخامس : التقسيم ، وهو كون اللفظ مترددا بين أمرين ، أحدهما ممنوع ، والمختار وروده .

مثاله في الصحيح الحاضر : وجد السبب بتعذر الماء ، فساغ التيمم ، فيقول : السبب تعذر الماء ، أو تعذر الماء في السفر أو المرض .

الأول ممنوع ، وحاصله منع يأتي ، ولكنه بعد تقسيم .

وأما نحو قولهم في الملتجئ إلى الحرم : وجد سبب استيفاء القصاص فيجب متى ، مع مانع الالتجاء إلى الحرم أو عدمه ؟ فحاصله طلب نفي المانع ، ولا يلزم .


ش - الاعتراض الخامس : التقسيم ، وهو كون اللفظ الدال على الوصف الجامع مرددا بين أمرين :

أحدهما ممنوع عليته ، والآخر مسلم عليته .

[ ص: 192 ] والمختار ورود اعتراض التقسيم ، ولكن بعد تبيين المعترض الاحتمالين ، فإن بيان الاحتمالين على المعترض ، لما ذكرنا في الاستفسار .

مثال ذلك : قول الفقهاء في جواز التيمم للصحيح الحاضر عند عدم القدرة على استعمال الماء : وجد سبب التيمم بسبب تعذر الماء ، فجاز التيمم ، قياسا على المسافر أو المريض .

فيقول المعترض : سبب التيمم هو تعذر الماء مطلقا ، أو تعذر الماء في السفر أو المرض .

الأول ممنوع ; فإنا لا نسلم أن تعذر الماء مطلقا سبب التيمم ، والثاني مسلم لكنه غير موجود في صورة النزاع ، إذ الكلام في الحاضر الصحيح .

وحاصل اعتراض التقسيم منع يرد بعد التقسيم . فإن المعترض قسم أولا مدلول اللفظ إلى قسمين ، ثم منع أحدهما .

وأما قول الفقهاء فيمن وجب عليه القصاص ، والتجأ إلى المسجد الحرام : وجد في الملتجئ سبب استيفاء القصاص ، وهو القتل العمد العدوان ، فيجب استيفاء القصاص .

فيقول المعترض : متى يجب القصاص مع مانع الالتجاء إلى الحرم أو مع عدمه ؟ فالأول ممنوع ، والثاني مسلم . ولكن وجد المانع في صورة النزاع ، فليس من باب التقسيم ; لأن اللفظ لم يردد هاهنا بين احتمالين يكون أحدهما سببا ، والآخر ليس بسبب ; لأن القتل [ ص: 193 ] العمد العدوان سبب لاستيفاء القصاص ، سواء كان الالتجاء مانعا من الاستيفاء أو لم يكن ، بخلاف التقسيم ، فإنه ردد فيه اللفظ بين احتمالين يكون أحدهما سببا ، والآخر ليس بسبب .

وحاصل هذا السؤال - وإن وجد فيه صورة التقسيم - يرجع إلى طلب نفي المانع ، ولا يلزم المستدل بيان نفي المانع ، بل يلزم المعترض بيان وجود المانع ، فهذا السؤال غير وارد ، بخلاف سؤال التقسيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية