صفحة جزء
ص - الحادي والعشرون : اختلاف الضابط في الأصل والفرع ، مثل : تسببوا بالشهادة ، فوجب القصاص ، كالمكره . فيقال : الضابط في الفرع : الشهادة ، وفي الأصل : الإكراه .

[ ص: 232 ] فلا يتحقق التساوي ، وجوابه : أن الجامع ما اشتركا فيه من التسبب المضبوط عرفا .

أو بأن إفضاءه في الفرع مثله أو أرجح ، كما لو كان أصله المغري للحيوان . فإن انبعاث الأولياء على القتل طلبا للتشفي أغلب من انبعاث الحيوان بالإغراء بسبب نفرته وعدم علمه ، فلا يضر اختلاف أصلي التسبب ، فإنه اختلاف فرع وأصل .

كما يقاس الإرث في طلاق المريض على القاتل في منع الإرث ، ولا يفيد أن التفاوت فيهما ملغى لحفظ النفس ، كما ألغي التفاوت بين قطع الأنملة وقطع الرقبة . فإنه لم يلزم من إلغاء العالم إلغاء الحر .


ش - الاعتراض الحادي والعشرون : اختلاف الضابط في الأصل والفرع بأن تكون الحكمة في الأصل والفرع متحدة ، والوصف الضابط للحكمة في الأصل مخالفا للوصف الضابط للحكمة في الفرع ، مثل ما إذا قيس وجوب القصاص في الشهادة على وجوب [ ص: 233 ] القصاص في المكره . فإن الشاهد تسبب إلى القتل بالشهادة ، كما تسبب المكره إلى القتل بالإكراه .

فيقول المعترض : الوصف الضابط في الفرع الشهادة ، وفي الأصل الإكراه ، فلا يتحقق التساوي بين الأصل والفرع في الضابط .

وجواب هذا الاعتراض بأن الجامع بين الأصل والفرع هو التسبب إلى القتل المشترك بين الشهادة والإكراه ، والتسبب إلى القتل مضبوط عرفا ، أو بأن إفضاء الضابط إلى المقصود في الفرع مثل إفضائه في الفرع أو أرجح .

كما لو كان أصل القياس المغري للحيوان بأن يقيس الشاهد على المغري للحيوان بجامع تسببهما إلى القتل . فإن إفضاء الضابط إلى المقصود في الفرع هاهنا أرجح من إفضائه إلى المقصود في الأصل . فإن انبعاث الأولياء على القتل بسبب الشهادة طلبا للتشفي أرجح من انبعاث الحيوان بالإغراء ; لأن الحيوان فيه نفرة من الإنسان مانعة من الانبعاث .

وأيضا : عدم علم الحيوان بجواز القتل وعدمه يمنعه عن الانبعاث ، وإذا كان التسبب في الفرع مثل التسبب في الأصل ، أو راجحا ، فلا يضر اختلاف أصلي التسبب ، أعني الشهادة والإكراه .

[ ص: 234 ] فإن اختلاف أصلي التسبب اختلاف أصل وفرع . فإنه قيس أصل التسبب في الفرع الذي هو الشهادة على أصل التسبب في الأصل الذي هو الإكراه . والجامع كون كل منهما سببا للقتل ، واختلاف الأصل والفرع لا يكون قادحا في القياس .

وذلك كما يقاس إرث المبتوتة في مرض الموت على حرمان القاتل من الإرث ; لاشتمالها على ارتكاب أمر محرم .

فكما جعل القتل موجبا لنقيض المقصود ، جعل الطلاق أيضا موجبا لنقيض المقصود .

فاختلاف الشهادة والإكراه كاختلاف الطلاق والقتل . ولا يفيد في الجواب أن يقول المستدل : التفاوت في ضابط الأصل وضابط الفرع ملغى مراعاة لحفظ النفس الضروري ، كما ألغي التفاوت بين قطع الأنملة المؤدي إلى الهلاك ، وقطع الرقبة ; لوجوب القصاص على قاطع الأنملة عند إفضاء القطع إلى الهلاك ، قياسا على قاطع الرقبة . وإنما لا يفيد أن يقول المستدل هذا ; لأن إلغاء التفاوت في صورة لا يوجب إلغاءه في جميع الصور .

ألا ترى أن إلغاء التفاوت في العالم والجاهل في وجوب [ ص: 235 ] القصاص لا يوجب إلغاء التفاوت بين العبد والحر في وجوب القصاص .

التالي السابق


الخدمات العلمية