صفحة جزء
ص - الأول : تلازم بين ثبوتين ، أو نفيين ، أو ثبوت ونفي ، أو نفي وثبوت .

والمتلازمان إن كانا طردا وعكسا ، كالجسم والتأليف ، جرى فيهما الأولان طردا وعكسا .

وإن كانا طردا لا عكسا كالجسم والحدوث ، جرى فيهما الأول طردا ، والثاني عكسا .

والمتنافيان إن كانا طردا وعكسا ، كالحدوث ووجوب البقاء ، جرى فيهما الأخيران طردا وعكسا .

فإن تنافيا إثباتا ، كالتأليف والقدم ، جرى فيهما الثالث طردا وعكسا ، فإن تنافيا نفيا ، كالأساس والخلل ، جرى فيهما الرابع طردا وعكسا .

الأول في الأحكام - من صح طلاقه - صح ظهاره ويثبت بالطرد ، ويقوى بالعكس .

[ ص: 254 ] ويقرر بثبوت أحد الأثرين ، فيلزم الآخر ، للزوم المؤثر ، وبثبوت المؤثر .

ولا يعين المؤثر فيكون انتقالا إلى قياس علة .

الثاني : لو صح الوضوء بغير نية ، لصح التيمم ، ويثبت بالطرد ، كما تقدم .

ويقرر بانتفاء أحد الأثرين ، فينتفي الآخر للزوم انتفاء المؤثر بانتفاء الأثر .

الثالث : ما كان مباحا ، لا يكون حراما .

الرابع : ما لا يكون جائزا يكون حراما .

ويقرران بثبوت التنافي بينهما أو بين لوازمهما .


ش - الأول من أقسام الاستدلال ، وهو على أربعة أقسام ; لأن المتلازمين إما أن يكونا ثبوتين أو نفيين ، أو الأول ثبوت والآخر نفي ، أو الأول نفي والآخر ثبوت .

والمتلازمان إن كانا طردا وعكسا ، أي إن كان التلازم بينهما من الجانبين ، كالجسم والتأليف ، فإن وجود كل منهما يستلزم وجود الآخر ، جرى فيهما - أي في المتلازمين - الأولان ، أي التلازم بين ثبوتين - والتلازم بين نفيين طردا وعكسا ، أي يلزم من وجود كل واحد [ ص: 255 ] من الجسم التأليف ، وجود الآخر ، ويلزم من نفي كل واحد منهما نفي الآخر .

وإن كان المتلازمان طردا فقط ، أي لزم من وجود الأول وجود الثاني ، من غير عكس ، كالجسم والحدوث ، فإن وجود الجسم يستلزم الحدوث من غير عكس ، جرى فيهما التلازم بين ثبوتين طردا فقط ; أي يلزم من وجود الجسم وجود الحدوث من غير عكس ، والتلازم بين نفيين عكسا فقط ، أي يلزم من نفي الحدوث نفي الجسم ، من غير عكس .

وأما المتنافيان طردا وعكسا ، أي اللذان بينهما منافاة وجودا وعدما ، وهي المنفصلة الحقيقية ، كالحدوث ووجوب البقاء ، فإنه بينهما منافاة وجودا وعدما ، فيجري فيهما الأخيران ، أي التلازم بين ثبوت ونفي ، والتلازم بين نفي وثبوت طردا وعكسا ، أي يلزم من ثبوت كل منهما نفي الآخر ، ومن نفي كل منهما ثبوت الآخر .

وإن كان المتنافيان تنافيا إثباتا فقط ، أي يكون بينهما منع الجمع ، كالتأليف والقدم ، فإنه بينهما منافاة وجودا ، لا عدما ، جرى فيهما الثالث ، أي التلازم بين ثبوت ونفي طردا وعكسا ، أي ثبوت كل من التأليف والقدم يلزمه نفي الآخر .

وإن كان المتنافيان تنافيا نفيا فقط ، أي يكون بينهما منع [ ص: 256 ] الخلو ، كالأساس والخلل ، فإنه بينهما منافاة عدما لا وجودا ، جرى فيهما الرابع ، أي التلازم بين نفي وثبوت طردا وعكسا ، أي يلزم من نفي كل منهما ثبوت الآخر .

ثم ذكر المصنف أمثلة الأقسام الأربعة من التلازم في الأحكام .

مثال الأول : أي التلازم بين ثبوتين : من صح طلاقه ، صح ظهاره . وتثبت الملازمة بينهما بالطرد ، أي بأن يستلزم صحة الطلاق صحة الظهار ، ويقوى التلازم بينهما بالعكس ، فإن العكس وإن لم يكن دليلا على سبيل الاستقلال ، لكن يكون مقويا للدليل ، ويقرر التلازم بأن الصحتين أثران لمؤثر واحد ، فيلزم من ثبوت أحد الأثرين ثبوت الآخر ; لأن ثبوت المؤثر لازم لثبوت أحدهما ، وثبوت الآخر لازم من ثبوت مؤثره .

ويقرر أيضا بثبوت المؤثر بأن يقال : المؤثر في صحة الطلاق ثابت ، فيثبت صحة الظهار ; لأنهما أثراه . ولا يعين المؤثر ، وإلا يكون انتقالا من الاستدلال إلى قياس العلة ، وهو ليس باستدلال بالاتفاق .

ومثال الثاني ، أي التلازم بين نفيين : لو صح الوضوء بغير نية ، لصح التيمم .

[ ص: 257 ] ويثبت هذا التلازم بالطرد ، ويتقوى بالعكس ، كما تقدم .

ويقرر أيضا بانتفاء أحد الأثرين فينتفي الآخر للزوم انتفاء المؤثر ، فإنه يلزم من انتفاء أحد الأثرين انتفاء المؤثر ، ويلزم من انتفاء المؤثر انتفاء الأثر الآخر .

مثال الثالث ، أي التلازم بين ثبوت ونفي : ما يكون مباحا لا يكون حراما .

مثال الرابع ، أي التلازم بين نفي وثبوت : ما لا يكون جائزا يكون حراما .

ويقرر الثالث والرابع بثبوت التنافي بين الحرام والمباح ، أو بثبوت التنافي بين لوازمهما ، فإن التنافي بين اللوازم يستلزم التنافي بين الملزومات .

التالي السابق


الخدمات العلمية