صفحة جزء
[ ص: 309 ] ص - ( مسألة ) : المسألة التي لا قاطع فيها ، قال القاضي والجبائي : كل مجتهد فيها مصيب ، وحكم الله فيها تابع لظن المجتهد .

وقيل : المصيب واحد . ثم منهم من قال : لا دليل عليه ، كدفين يصاب .

وقال الأستاذ : إن دليله ظني ، فمن ظفر به ، فهو المصيب .

وقال المريسي والأصم : دليله قطعي ، والمخطئ آثم .

ونقل عن الأئمة الأربعة التخطئة والتصويب . فإن كان فيها قاطع ، فقصر ، فمخطئ آثم ; وإن لم يقصر ، فالمختار مخطئ غير آثم .

لنا : لا دليل على التصويب ، والأصل عدمه .

وصوب غير معين للإجماع .

وأيضا : لو كان مصيبا لاجتمع النقيضان ; لأن استمرار قطعه مشروط ببقاء ظنه للإجماع على أنه لو ظن غيره ، لوجب الرجوع ، فيكون ظانا عالما بشيء واحد .


ش - اختلفوا في المسألة التي لا قاطع فيها .

فقال القاضي والجبائي : كل مجتهد في تلك المسألة مصيب ، [ ص: 310 ] ولم يكن قبل الاجتهاد حكم فيها ، وحكم الله فيها تابع لظن المجتهد ، أي يكون حكم الله في حق كل مجتهد ما أدى إليه اجتهاده .

وقيل : المصيب فيها واحد ; لأن الحكم في كل واقعة لا يكون إلا معينا .

ثم اختلفوا فيما بينهم :

فمنهم من قال : لا دليل عليه ، بل هو كدفين يصاب بطريق الاتفاق ، فمن ظفر به فهو المصيب ، ومن لم يصبه فهو المخطئ ، ومنهم من قال : عليه دليل .

ثم اختلفوا فيما بينهم ، فقال الأستاذ : إن دليله ظني ، فمن ظفر به فهو المصيب ، وله أجران ، ومن لم يصبه ، فهو مخطئ ، وله أجر واحد .

وقال المريسي والأصم : دليله قطعي ، والمخطئ آثم .

ونقل عن الأئمة الأربعة الشافعي وأبي حنيفة ومالك وأحمد التخطئة والتصويب .

[ ص: 311 ] فإن كان في المسألة دليل قاطع ، فقصر المجتهد في طلبه ، ولم يظفر به ، فمخطئ آثم ، وإن لم يقصر فالمختار مخطئ غير آثم .

واحتج المصنف عليه بثلاثة وجوه :

الأول : لا دليل على تصويب الكل ، والأصل عدمه ، وما لا دليل عليه لا يجوز القول به .

وصوب واحد غير معين ; لأن الإجماع منعقد على أن أحدهما مصيب ، ضرورة استحالة تخطئة الكل .

وتصويب واحد معين ترجيح بلا مرجح ، فتعين أن يكون المصيب واحدا غير معين .

الثاني : لو كان مصيبا لاجتمع النقيضان .

والتالي باطل . بيان الملازمة أن الكل لو كان مصيبا ، فالمجتهد إذا ظن أن حكم الله في حقه ما أدى إليه اجتهاده ، جزم وقطع بأن الحكم ذلك ، ضرورة علمه بأنه كل مجتهد مصيب .

وإذا قطع ، استمر قطعه ; إذ الأصل بقاء الشيء على ما كان ، واستمرار قطعه مشروط ببقاء ظنه للإجماع على أنه لو ظن غيره ، [ ص: 312 ] وجب الرجوع ، فيكون ظانا عالما بشيء واحد في زمان واحد ، فيلزم اجتماع النقيضين ضرورة اقتضاء القطع عدم احتمال النقيض ، والظن احتمال النقيض .

التالي السابق


الخدمات العلمية