صفحة جزء
ص - ( مسألة ) : المجتهد قبل أن يجتهد ممنوع من التقليد ، وقيل : فيما لا يخصه ، وقيل : فيما لا يفوت وقته ، وقيل : إلا أن يكون أعلم منه .

وقال الشافعي : إلا أن يكون صحابيا .

وقيل : أرجح ، فإن استووا تخير .

وقيل : أو تابعيا .

وقيل غير ممنوع .

وبعد الاجتهاد اتفاق .

لنا : حكم شرعي ، فلا بد من دليل ، والأصل عدمه ، بخلاف النفي ، فإنه يكفي فيه انتفاء دليل الثبوت .

وأيضا : متمكن من الأصل ، فلا يجوز البدل ، كغيره . واستدل : لو جاز قبله ، لجاز بعده .

[ ص: 329 ] وأجيب بأنه بعده حصل الظن الأقوى .


ش - اختلفوا في أن المجتهد هل يجوز له التقليد قبل الاجتهاد أم لا ؟ والمختار عند المصنف أن المجتهد قبل الاجتهاد ممنوع من التقليد ، وقيل : إن المجتهد قبل الاجتهاد ممنوع من التقليد فيما لا يخصه ، أي فيما يفتي فيه ، ولا يكون ممنوعا من التقليد فيما يخصه ، أي فيما يتعلق بنفسه .

وقيل : إنما يجوز التقليد فيما يخصه إذا فات الوقت إن اشتغل بالاجتهاد .

وقيل : المجتهد قبل الاجتهاد ممنوع من التقليد ، إلا أن يكون مقلده أعلم منه .

وقال الشافعي : إنما يجوز التقليد إذا كان مقلده صحابيا ، وقيل : يجوز له تقليد الصحابي إذا كان الصحابي أرجح في نظره من غيره ، وإن استووا في نظره ، تخير في تقليد من شاء .

وقيل : يجوز للمجتهد التقليد إذا كان مقلده صحابيا أو تابعيا .

وقيل : المجتهد غير ممنوع عن التقليد مطلقا .

[ ص: 330 ] هذا إذا كان التقليد قبل الاجتهاد ، أما إذا كان بعد الاجتهاد ، فممنوع بالاتفاق .

احتج المصنف على المذهب المختار بوجهين :

الأول : أن جواز تقليد المجتهد حكم شرعي ، فلا بد له من دليل ، إذ لا يثبت حكم شرعي بدون دليل ، وإلا يلزم تكليف الغافل ، لكن بحثنا عنه ولم نجد ما يصلح أن يكون دليلا على جواز تقليد المجتهد ، والأصل عدم الدليل .

فإن قيل : هذا معارض بأن عدم جواز تقليد المجتهد أيضا حكم شرعي ، فلا بد له من دليل ، والأصل عدمه .

أجيب بأن عدم الجواز نفي ، والنفي يكفي فيه انتفاء دليل الثبوت .

والثاني : أن الاجتهاد أصل ، والتقليد بدل ، والمجتهد متمكن من الاجتهاد الذي هو الأصل ، فلا يجوز البدل كغيره ، مثل الوضوء والتيمم فإن البدل يصار إليه عند العجز عن الأصل .

واستدل على عدم جواز تقليد المجتهد قبل الاجتهاد بأنه لو جاز تقليد المجتهد قبل الاجتهاد لجاز له التقليد بعده ، والتالي باطل بالاتفاق .

بيان الملازمة أن المانع من التقليد هو تمكن المجتهد من معرفة [ ص: 331 ] الحكم بالاجتهاد ، وهو مشترك في الحالين ، فإن منع ذلك عن التقليد بعد الاجتهاد ، منع عن التقليد قبله ، وإن لم يكن مانعا عن الاجتهاد بعده ، لم يكن مانعا عن الاجتهاد قبله .

أجاب بأن الحاصل بعد الاجتهاد هو الظن الأقوى من الظن الحاصل من التقليد ، فلا جرم منع من التقليد ، وقبل الاجتهاد لم يكن الظن حاصلا فضلا عن الظن الأقوى ، فلا جرم لا يكون التقليد ممنوعا .

التالي السابق


الخدمات العلمية