صفحة جزء
ص - ( مسألة ) المختار أنه - عليه السلام - لا يقر على خطأ في اجتهاده .

وقيل : بنفي الخطأ .

لنا : لو امتنع ، لكان لمانع ، والأصل عدمه .

وأيضا : ( لم أذنت ) ، ( ما كان لنبي ) حتى قال : " لو نزل من السماء عذاب ، ما نجا منه غير عمر " ; لأنه أشار بقتلهم .

وأيضا : " إنكم تختصمون إلي ، ولعل أحدكم ألحن بحجته ، فمن قضيت له بشيء من مال أخيه ، فلا يأخذه ، فإنما أقطع له قطعة من نار " .

وقال : أنا أحكم بالظاهر .

وأجيب بأن الكلام في الأحكام ، لا في فصل الخصومات . ورد بأنه مستلزم للحكم الشرعي المحتمل [ ص: 342 ] .


ش - اختلفوا في جواز خطأ الرسول - عليه السلام - في اجتهاده ، والمختار عند المصنف جواز خطئه في الاجتهاد ، ولكن لا يقر على خطأ في اجتهاده .

وقيل بنفي الخطأ عن اجتهاده .

واحتج المصنف على المختار بالمعقول والكتاب والسنة .

أما المعقول ; فلأنه لو لم يجز خطؤه في الاجتهاد ، لكان لمانع ، ضرورة كونه غير ممتنع لذاته . والأصل عدم المانع ، فمن قال بالمانع ، فعليه البيان .

وأما الكتاب ، فقوله - تعالى : عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين .

فإنه يدل على خطئه في الإذن ، وهو بالاجتهاد ; لأنه لو كان بالوحي ، لما عاتبه عليه .

وقوله - تعالى - في أسارى بدر : ( ما كان لنبي أن يكون له أسرى ) حتى قال النبي - عليه السلام : " لو نزل من السماء عذاب ، ما نجا منه غير عمر " ; لأنه أشار بقتلهم ، ونهى عن [ ص: 343 ] أخذ الفداء .

وذلك يدل على خطئه في أخذ الفداء .

وأما السنة ، فقوله - عليه السلام : " إنما أنا بشر ، وإنكم تختصمون إلي ، ولعل أحدكم ألحن بحجته ، فأقضي على نحو ما أسمع منه ، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه ، فلا يأخذنه ، فإنما أقطع له قطعة من نار " .

[ ص: 344 ] وذلك يدل على أنه قضى بما لا يكون مطابقا في نفس الأمر ، فيكون خطأ .

وقوله : " ألحن بحجته " ، أي أفطن لها .

وأيضا : قوله - عليه السلام : إنما أحكم بالظاهر ، والله يتولى السرائر . يدل على جواز خطئه .

وقد أجيب عن هذا بأن هذا الدليل لا يدل على المتنازع فيه ، فإن الكلام في جواز خطئه في الأحكام ، لا في فصل الخصومات . وهذا يدل على جواز خطئه في فصل الخصومات .

ورد هذا الجواب بأن جواز الخطأ في فصل الخصومات يستلزم جواز الخطأ في الأحكام ، وذلك لأن المال المنازع فيه بين الخصمين مثلا يحتمل أن يكون حراما على من أباح له النبي - عليه السلام - فيلزم جواز الخطأ في الحكم الشرعي المحتمل ، وهو كونه حلالا عليه اجتهادا .

التالي السابق


الخدمات العلمية