صفحة جزء
ص - ( مسألة ) : يجوز خلو الزمان عن مجتهد خلافا للحنابلة .

لنا : لو امتنع ، لكان لغيره ، والأصل عدمه .

وقال - صلوات الله عليه : " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه ، ولكن بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤساء جهالا ، فسئلوا ، فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا " .

قالوا : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله أو حتى يظهر الدجال " .

[ ص: 363 ] قلنا : فأين نفي الجواز ؟ ولو سلم فدليلنا أظهر ، ولو سلم فيتعارضان ويسلم الأول .

قالوا : فرض كفاية ، فيستلزم انتفاؤه اتفاق المسلمين على الباطل .

قلنا : إذا فرض موت العلماء ، لم يمكن .


ش - يجوز خلو الزمان عن المجتهد ، خلافا للحنابلة . واحتج عليه بوجهين :

الأول : خلو الزمان عن المجتهد لم يستلزم محالا لذاته ، فلو امتنع ، كان امتناعه لغيره ، والأصل عدمه .

والثاني : قوله - صلوات الله عليه : " إن الله لا يقبض " . . . إلى آخر الحديث . فإنه يدل صريحا على خلو الزمان عن [ ص: 364 ] العلماء .

احتج الحنابلة بوجهين :

الأول : قوله - عليه السلام : " لا تزال طائفة من أمتي " . . . إلى آخره . فإنه يدل على عدم خلو الزمان عن المجتهد .

أجاب بأن الحديث دل على عدم خلو الزمان عن طائفة ظاهرين على الحق ، ولا يدل على نفي جواز خلو الزمان عن المجتهد ، وإليه أشار بقوله : " فأين نفي الجواز ؟ " .

ولو سلم أن الحديث دال على نفي الجواز ، فدليلنا أظهر ; لأنه يدل صريحا على خلو الزمان عن العلماء . وهذا ليس بصريح في نفي الجواز ; لأن القائم بالحق أعم من المجتهد .

ولو سلم أن دليلنا لا يكون أظهر ، فيتعارضان ، أي دليلنا ودليلكم ، ويسلم الدليل الأول عن المعارض .

الثاني : أن الاجتهاد فرض كفاية ، فيستلزم انتفاؤه في عصر من الأعصار اتفاق المسلمين على الباطل ; لأنه إذا انتفى الاجتهاد في عصر تكون الأمة في هذا العصر متفقين على ترك الواجب ، وهو باطل .

أجاب بأنه إذا فرض موت العلماء ، لم يمكن الاجتهاد ، وإذا لم يمكن ، لا يكون فرض كفاية . فاتفاق الأمة على ترك الاجتهاد في [ ص: 365 ] عصر لا يكون باطلا .

التالي السابق


الخدمات العلمية