صفحة جزء
ص - الأول : في السند والمتن والمدلول وفي خارج .

الأول : بكثرة الرواة لقوة الظن ، خلافا للكرخي ، وبزيادة الثقة ، وبالفطنة والورع والعلم والضبط والنحو ، وبأنه اشتهر بأحدها باعتماده على حفظه لا نسخته وعلى ذكر لا خط ، وبموافقته عمله ، وبأنه عرف أنه لا يرسل إلا عن عدل في المرسلين ، وبأن يكون المباشر كراوية أبي رافع : " نكح ميمونة وهو حلال " ، وكان السفير بينهما على رواية ابن عباس - رضي الله عنهما : " نكح ميمونة وهو حرام " ، وبأن يكون صاحب القصة كرواية ميمونة : " تزوجني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن حلالان " ، وبأن يكون مشافها كرواية القاسم عن عائشة - رضي الله عنها - أن بريرة عتقت وكان زوجها عبدا ، على من روى أنه كان حرا ; لأنها عمة القاسم ، وأن يكون أقرب عند سماعه كرواية ابن عمر : أفرد عليه السلام وكان تحت ناقته حين لبى ، وبكونه من أكابر الصحابة لقربه غالبا ، أو متقدم الإسلام ، أو مشهور النسب ، أو غير ملتبس بمضعف ، وبتحملها بالغا ، وبكثرة [ ص: 375 ] المزكين أو أعدليتهم أو أوثقيتهم . وبالصريح على الحكم والحكم على العمل . وبالمتواتر على المسند والمسند على المرسل ، ومرسل التابعي على غيره ، وبالأعلى إسنادا ، والمسند على كتاب معروف ، وعلى المشهور ، والكتاب على المشهور ، وبمثل البخاري ومسلم على غيره ، والمستند باتفاق على مختلف فيه ، وبقراءة الشيخ وبكونه غير مختلف ، وبالسماع على محتمل ، وبسكوته مع الحضور على الغيبة ، وبورود صيغة فيه على ما فهم ، وبما لا تعم به البلوى على الآخر في الآحاد ، وبما لم يثبت إنكار لرواته على الآخر .


ش - القسم الأول : التعارض بين المنقولين ، وهو إما في السند أو في المتن أو في مدلول اللفظ أو في أمر [ ص: 376 ] خارج .

الأول : وهو التعارض في السند ، والترجيح فيه إما بأمور تتعلق بحال الراوي ، أو بحال الرواية ، أو بحال المروي عنه .

الأول : ما يتعلق بحال الراوي ، وهو الترجيح بكثرة الرواة ، فإن كثرة الرواة مرجحة لقوة الظن بها ، خلافا للكرخي .

وبزيادة الثقة والعدالة ، وبزيادة الفطنة ، وبزيادة الورع ، وبزيادة العلم ، وبزيادة الضبط ، وبزيادة علم النحو ، وبأن يكون أشهر بأحد هذه الأمور الستة ، وباعتماد الراوي على حفظه لا على نسخة سمع منها .

وباعتماده على ذكر لا على خط ، وذلك بأن يكون الراوي حال الراوية ذاكرا للرواية غير معتمد في ذلك على خطه أو خط آخر ، وبموافقة الخبر عمل الراوي ; لأن خبر من عمل بموافقته أبعد من الكذب من خبر من لم يوافق عمله خبره ، وبأنه عرف من حال الراوي أنه لا يرسل إلا عن عدل في المرسلين .

وبأن يكون الراوي مباشرا لما روى ، كراوية أبي رافع أن النبي [ ص: 377 ] - عليه السلام - نكح ميمونة وهو - عليه السلام - حلال ، أي غير محرم ، وكان أبو رافع سفيرا بين الرسول عليه السلام وبين ميمونة ، فإنه رجح على رواية ابن عباس : نكح ميمونة وهو محرم .

وبأن يكون الراوي صاحب القصة ، كراوية ميمونة : [ ص: 378 ] تزوجني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن حلالان . فإنها تقدم على رواية ابن عباس ; لكون صاحب القصة أعرف بها من غيره ، وبأن يكون الراوي مشافها فيما سمع ، ليس بينه وبين من يروي عنه حجاب ، كرواية القاسم بن محمد بن أبي بكر - رضي الله عنهم - عن عائشة - رضي الله عنها : أن بريرة عتقت وكان زوجها عبدا .

[ ص: 379 ] فإنه يقدم على رواية من روى أن زوجها كان حرا ; لأن القاسم سمع من عائشة - رضي الله عنها - مشافهة ; لأن عائشة عمته ، بخلاف من روى أنه كان حرا ، فإنه سمع منها من وراء الحجاب .

وبأن يكون الراوي أقرب ممن يروي عنه عند سماع ما يرويه ، كراوية ابن عمر - رضي الله عنهما - أفرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم . وكان ابن عمر تحت ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين لبى - عليه السلام . فإنها تقدم على رواية من [ ص: 380 ] روى أنه - عليه السلام - قرن .

وبكون الراوي من أكابر الصحابة لقرب الأكبر غالبا من النبي دون الأصغر .

وبكون الراوي متقدم الإسلام ، فإن الكذب عنه أبعد ، أو بكونه مشهور النسب ، أو بكونه غير ملتبس في الاسم بضعيف طعن فيه ، وبتحمل الراوي الرواية حالة البلوغ لزيادة ضبط البالغ واحتياطه ، وبكثرة مزكي الراوي ، أو بأعدليتهم أو أوثقيتهم بالبحث عن حاله ، وبتصريح المزكين بالتعديل ، فإنه يقدم على الحكم ، وذلك بأن يكون تزكية أحدهما بصريح القول وتزكية الآخر بالحكم بشهادته .

والتزكية بالحكم يقدم على التزكية بالعمل ، وذلك بأن يكون تزكية أحدهما بالحكم بشهادته ، وتزكية الآخر بالعمل بروايته .

[ ص: 381 ] الثاني : ما يتعلق بحال الرواية ، وهو الترجيح بالمتواتر ، فإن المتواتر يرجح على المسند ; لأن المتواتر مقطوع المتن ، والمسند مظنونه .

والمسند يقدم على المرسل ، إن قبل الخلاف في قبول المرسل ، ومرسل التابعي يرجح على مرسل غيره ; لأن مرسل التابعي قد ترك فيه ذكر الصحابي ; لأن الظاهر رواية التابعي عن الصحابي ، والظاهر في الصحابي العدالة ; لقيام الدليل عليها ، بخلاف غير الصحابي .

وبالأعلى إسنادا ، فإنه يقدم على غيره لقلة الوسائط ، فإنها أبعد عن الكذب .

المسند عنعنة إلى الرسول - عليه السلام - يرجح على الذي أحيل إلى كتاب معروف ، ويرجح أيضا على حديث مشهور بين العلماء ، ويرجح ما في كتاب معروف معتبر على الحديث المشهور بين العلماء ; لأن العادة تمنع التغيير في الكتاب المعروف .

ويرجح ما في صحيحي البخاري ومسلم على غيره ; فإن المسند إلى كتاب مشهور بالصحة أولى من المسند إلى كتاب غير مشهور بالصحة .

[ ص: 382 ] ويرجح المسند باتفاق على الذي اختلف في كونه مسندا ، ويرجح بقراءة الشيخ ، فإن قراءة الشيخ على الحاضرين أولى من قراءتهم على الشيخ ; لإمكان ذهول الشيخ في الثاني ، ويرجح بكونه غير مختلف روايته ، فإن اختلاف الرواية يدل على أنه مضطرب الحال ، بخلاف ما يكون على طريقة واحدة .

الثالث : يتعلق بحال المروي ، ويرجح بالسماع ، فإن المسموع عن النبي - عليه السلام - يقدم على ما احتمل أن يكون مسموعا .

ويرجح بكونه مع الحضور ، فإن المروي الذي جرى في حضرته - عليه السلام - ولم ينكر عليه راجح على ما جرى في غيبته وعلم به ولم ينكره .

ويرجح بورود صيغة فيه ، فإن الذي ورد فيه صيغة لفظ النبي - عليه السلام - يقدم على ما فهم من فعله ، مثل : سها فسجد .

ويرجح بما لا تعم به البلوى في الآحاد ، فإن ما لا تعم به البلوى راجح على ما تعم به البلوى ، إذا كانا من الآحاد ; لكونه أبعد من الكذب مما تعم به البلوى ; لأن تفرد الواحد بنقل ما تتوفر الدواعي على نقله يوهم الكذب .

[ ص: 383 ] ويرجح بما لم يثبت إنكار لرواته ، فإن ما لم يثبت إنكار لرواته يقدم على ما ثبت إنكار لرواته ، سواء كان الإنكار إنكار جحود أو إنكار نسيان .

التالي السابق


الخدمات العلمية