صفحة جزء
ص - وأما الحدود السمعية ، فترجح بالألفاظ الصريحة على غيرها ، ويكون المعرف أعرف ، وبالذاتي على العرضي ، وبعمومه على الآخر لفائدته . وقيل بالعكس للاتفاق عليه ، وبموافقته النقل الشرعي أو اللغوي أو قربه ، وبرجحان طريق اكتسابه ، وبعمل المدينة ، أو الخلفاء الأربعة أو العلماء ، ولو واحدا ، وبتقرير حكم الحظر أو حكم النفي ، وبدرء الحد .

ويتركب من الترجيحات في المركبات والحدود أمور لا تنحصر ، وفيما ذكر إرشاد لذلك .


ش - الأمارات المفضية إلى التصديقات ، كما يقع التعارض فيها ، ويرجح بعضها على بعض ، كذلك الحدود السمعية يقع التعارض فيها ، ويرجح بعضها على بعض .

ولما كان التعارض والترجيح في الأول هو الكثير الغالب في الشرع ، قدمه على التعارض والترجيح في الثاني الذي هو القليل المغلوب في الشرع .

والترجيح في الحدود السمعية إما باعتبار اللفظ ، أو باعتبار المعنى ، أو باعتبار أمر خارج .

أما باعتبار اللفظ ، فيرجع الحد المذكور بالألفاظ الصريحة التي [ ص: 408 ] لا إيهام فيها على غيره ، أي على ما يكون مذكورا بألفاظ مجازية أو مشتركة أو وحشية .

وأما باعتبار المعنى ، فيرجح التعريف بمعرف أعرف على ما لا يكون كذلك .

ويرجح التعريف بالذاتي على التعريف بالعرضي .

ويرجح التعريف بعموم الحد على ما لا يكون كذلك .

وذلك بأن يكون أحد التعريفين متناولا لمحدود التعريف الآخر وزيادة . فإنه يقدم ما اشتمل على المحدود الآخر وزيادة ; لزيادة فائدته .

وقيل بالعكس ; لأن مدلول الأخص متفق عليه ، ومدلول الأعم مختلف فيه للاختلاف فيما زاد على مدلول الآخر ، والمتفق على مدلوله أولى من المختلف فيه .

وأما باعتبار الخارج ، فيرجح التعريف الذي يكون موافقا للنقل الشرعي أو اللغوي ، أو قريبا من النقل الشرعي أو اللغوي على ما لا يكون كذلك .

ويرجح أحد التعريفين على الآخر برجحان طريق اكتسابه ، بأن يكون طريق اكتسابه قطعيا ، وطريق اكتساب الآخر ظنيا .

[ ص: 409 ] ويرجح أحد التعريفين على الآخر بكونه موافقا لعمل أهل المدينة ، أو عمل الخلفاء الراشدين ، أو عمل العلماء .

ويرجح أيضا أحد التعريفين على الآخر بكونه موافقا لعمل عالم واحد .

ويرجح أحد التعريفين على الآخر بكونه مقررا لحكم الحظر ، أو مقررا لحكم النفي . ويرجح أيضا أحد التعريفين على الآخر بدرء الحد ، بأن يلزم من العمل به درء الحد دون العمل بالآخر .

ويتركب من الترجيحات في المركبات والحدود أمور لا تنحصر ، وذلك بأن يكون أحد الدليلين أو أحد التعريفين مشتملا على جهتين من جهات الترجيح أو أكثر ، والآخر مشتملا على الأقل ، أو مثله . وفيما ذكرنا من الجهات المفردة إرشاد لما يتركب منها . والحمد لله الذي أمهلنا للإتمام والصلاة والسلام على خير الأنام محمد عليه الصلاة والسلام وعلى آله وأصحابه الغر الكرام .

التالي السابق


الخدمات العلمية