صفحة جزء
ص - وأجيب بمنع ذلك في المختلفة والمتضادة . ولا يفيد في غيرها . ولو سلم فالمتعقل متناه .

[ ص: 167 ] وإن سلم فلا نسلم أن [ المتركب ] من المتناهي ، متناه . وأسند بأسماء العدد . وإن سلم منعت الثانية ويكون كأنواع الروائح .


ش - لما كان الدليل المذكور فاسدا ، ذكر بيان فساده . وتقريره أن يقال : لا نسلم صدق الملازمة .

قوله : لأن المعاني غير متناهية . قلنا : إن أردتم بكون المعاني غير متناهية : [ أن ] المعاني المتضادة ، وهي الأمور الوجودية التي يمتنع اجتماعها على محل واحد في زمان واحد ، كالسواد والبياض والحمرة . والمختلفة ، وهي الأمور التي حقيقتها مختلفة ولا يمتنع اجتماعها في محل كالحركة والبياض والضحك والكتابة ، غير متناهية ، فلا نسلم أنها غير متناهية .

وإن أردتم أن غير المتضادة والمختلفة ، أعني المتماثلة - وهي الأمور المتفقة الحقائق ، كأفراد الأنواع الحقيقية - غير متناهية ، فنسلم أنها غير متناهية ، ولكن لا يفيد عدم تناهيها في بيان الملازمة ; إذ يكفي أن يوضع اللفظ بإزاء الحقيقة المشتركة بالتواطؤ ، فلا يلزم خلوها عن الأسماء ; ضرورة تناول اللفظ الموضوع للحقيقة المشتركة بينها إياها .

ولئن سلمنا أن المختلفة والمتضادة غير متناهية ، وأن المتماثلة [ ص: 168 ] لا يكفي وضع اللفظ بإزاء الحقيقة المشتركة بينها ، فلا نسلم أن ما يجب أن يوضع اللفظ له ، غير متناه . وذلك لأن ما يجب أن يوضع له اللفظ لا بد وأن يكون متعقلا ; إذ غير المتعقل لا يمكن أن يوضع اللفظ له ، والمتعقل منها متناه ; لامتناع إحاطة الذهن بالأمور الغير المتناهية .

ولئن سلمنا أن المعاني المعقولة غير متناهية ، لكن لا نسلم أن الألفاظ متناهية .

قوله : لأنها مركبة من الحروف المتناهية . قلنا : لا نسلم أن المركب من المتناهي ، متناه . وسنده أن أسماء العدد متناهية ، والمركب منها غير متناه .

ولئن سلمنا أن المركب من المتناهي متناه حتى يلزم صدق الملازمة لكن لا نسلم انتفاء التالي . [ وإليه أشار ] بقوله : وإن سلمت منعت الثانية ، يعني المقدمة الاستثنائية . وهي استثناء [ نقيض ] التالي ; فإنه من الجائز خلو أكثر المسميات عن الألفاظ ، كأنواع الروائح ; فإن أكثرها خلا عن الألفاظ .

التالي السابق


الخدمات العلمية