صفحة جزء
ص - ( مسألة ) : المشتق ما وافق أصلا بحروفه الأصول ومعناه . [ ص: 241 ] وقد يزاد : بتغيير ما . وقد يطرد ، كاسم الفاعل وغيره . وقد يختص ، كالقارورة والدبران .


ش - المسألة الأولى في بيان ماهية المشتق . المشتق ما وافق ، أي كلمة وافقت أصلا ، أي كلمة أخرى ، أعم من أن يكون اسما أو فعلا - بحروفه ، أي حروف ذلك الأصل ، الأصول ومعناه ، على معنى أن مثل الحروف الأصلية التي في الأصل ، ومثل معناه موجود في المشتق . وإنما قال : " أصلا " لينطبق على مذهب البصريين والكوفيين في كون المصدر مشتقا من الفعل ، وعكسه . لأنه لو قال اسما ، اختص بمذهب البصريين . ولو قال فعلا ، اختص بمذهب الكوفيين .

وقوله : " كلمة " بمثابة الجنس ، تتناول المشتق وغيره . وقوله : " وافق أصلا بحروفه الأصول " يخرج الكلمات التي توافق أصلا بمعناه لا بحروفه الأصول ، كالحبس والمنع .

وقوله : " ومعناه " احترز عن مثل الذهب . فإنه يوافق أصلا وهو الذهاب - في حروفه الأصول ، ولكن غير موافق في معناه .

مثال المشتق : خفق من الخفقان ، فإن خفق يشارك الخفقان في الخاء والفاء والقاف ، التي هي الحروف الأصلية من الخفقان .

قوله : " وقد يزاد " أي وقد يزاد على التعريف المذكور لفظة : " بتغيير ما " . [ ص: 242 ] وذلك خمسة عشر نوعا . لأن التغيير إما أن يكون بالزيادة وحدها ، أو بالنقصان وحده ، أو بهما جميعا .

والأول إما أن يكون بزيادة حرف ، مثل كاذب من الكذب ، زيدت الألف . أو بزيادة الحركة ، مثل نصر من النصر ، زيدت حركة الصاد . أو بزيادة الحرف والحركة جميعا ، نحو ضارب من الضرب ، زيدت الألف وكسرة الراء .

والثاني - وهو أن يكون التغيير بالنقصان - إما أن يكون بنقصان الحرف ، مثل خف من الخوف ، نقصت منه الواو . أو بنقصان الحركة ، كما في الضرب على مذهب الكوفيين فإنه مشتق من ضرب . أو بنقصانهما ، مثل غلى من الغليان ، نقصت منه الألف والنون وحركة الياء .

الثالث أن يكون التغيير بالزيادة والنقصان جميعا . فالزيادة والنقصان إما أن يكونا في الحرف فقط ، مثل مسلمات ، زيدت فيه الألف والتاء ، ونقصت عنها التاء التي في الواحد .

وإما أن يكونا في الحركة فقط ، مثل حذر من الحذر ، حذفت فتحة الذال ، وزيدت كسرتها .

[ ص: 243 ] وإما أن يكون الزيادة في الحرف والنقصان في الحركة ، مثل عاد ، بالتشديد من العدد ، نقصت حركة الدال الأولى للإدغام وزيدت الألف .

وإما أن يكون الزيادة في الحركة والنقصان في الحرف ، مثل : نبت من النبات ، زيدت فتحة التاء ونقصت الألف .

وإما أن يكون الزيادة في الحرف والحركة كليهما ، والنقصان في الحرف فقط ، نحو خاف من الخوف ، زيدت الألف وفتحة الفاء ، ونقصت الواو .

وإما أن يكون الزيادة في الحرف والحركة كليهما ، والنقصان في الحركة فقط ، مثل اضرب من الضرب ، زيدت الألف للوصل وحركة الراء ، ونقصت حركة الضاد .

وإما أن يكون النقصان فيهما ، والزيادة في الحرف فقط ، مثل كال - بالتشديد من الكلال ، نقصت حركة اللام الأولى للإدغام ، ونقصت الألف بين اللامين ، وزيدت الألف قبلهما .

وإما أن يكون النقصان فيهما ، والزيادة في الحركة فقط ، مثل عد من الوعد ، نقصت الواو وفتحتها ، وزيدت كسرة العين .

وإما أن يكون بزيادة الحرف والحركة ، ونقصانهما ، مثل ارم من الرمي ، زيدت ألف الوصل وحركة الميم ، ونقصت الياء وحركة الراء . [ ص: 244 ] واعلم أن التعريفين ، أعني الأول والثاني يشكل بمثل الجلب والجلب . اللهم إلا أن يعتبر التغيير بحسب المعنى واللفظ جميعا ، فحينئذ يسلم التعريف الثاني عن هذا الإشكال .

لكنه يشكل بمثل فلك جمعا ومفردا ، فإنه ليس بينهما تغيير بحسب اللفظ ، إلا أن يقال : المراد بالتغيير اللفظي ، أعم من أن يكون تحقيقا أو اعتبارا .

والمشتق قد يطرد إطلاقه على جميع مدلولاته ، كاسم الفاعل ، والصفة ، واسم المفعول . فإن الضارب يطلق على كل من يثبت له الضرب . وكذلك الحسن والمضروب .

وقد لا يطرد ، كالقارورة والدبران ، فإن القارورة لا يطلق على كل ما يكون مقرا للمائعات مع دلالتها عليه ، بل يختص بالزجاجة المخصوصة . وكذلك الدبران ، فإنه لا يطلق على كل ما هو موصوف بالدبور ، بل يختص بمجموع خمسة كواكب من الثور . يقال : إنه سنامه ، وهو المنزل الرابع من منازل القمر المعاقب للثريا .

التالي السابق


الخدمات العلمية