صفحة جزء
ص - ( مسألة ) : لا تثبت اللغة قياسا . خلافا للقاضي وابن سريج .

[ ص: 256 ] وليس الخلاف في نحو " رجل " ورفع الفاعل . أي لا يسمى مسكوتا عنه إلحاقا بتسمية المعين لمعنى يستلزمه وجودا وعدما . كالخمر للنبيذ للتخمير ، والسارق للنباش للأخذ خفية ، والزاني للائط للوطء المحرم ، إلا بنقل أو استقراء التعميم .


ش - المسألة الخامسة في أن اللغة هل تثبت بالقياس أم لا . فقال معظم أصحابنا والحنفية وجماعة من الأدباء : لا .

وقال القاضي أبو بكر وابن سريج منا وجماعة من الفقهاء : نعم .

وليس الخلاف في إطلاق اسم علم تعميمه للأفراد بالنقل ، على ما سكت عنه ، أي لم يسمع إطلاقه عليه من أهل اللغة . مثل " رجل " فإنه وضع لواحد من ذكور بني آدم وعلم تعميمه بالنقل . فإذا أطلق على واحد ، لم يسمع من العرب إطلاقه عليه .

[ ص: 257 ] لا يقال : إنه إثبات بالقياس ; إذ تناول اللفظ لذلك الواحد علم بالنقل .

وليس أيضا الخلاف في نحو رفع فاعل لم يسمع من العرب رفعه ; فإنه لا نزاع في جواز رفعه .

ولا يقال أيضا : إنه إثبات بالقياس ; إذ علم تعميم رفع الفاعل بالاستقراء . فإنا لما استقرأنا الكلام وجدنا كل ما أسند الفعل أو شبهه إليه مقدما عليه مرفوعا ، حصل عندنا قاعدة ، وهي أن : كل فاعل مرفوع ، بحيث لم يبق شك . فإذا جعل فاعلا لم يسمع رفعه من العرب مرفوعا ، لم يكن ذلك قياسا ; إذ علم بالاستقراء أن الرفع وضع لكل فاعل .

بل إنما الخلاف في أنه هل يسمى مسكوتا عنه ، مثل النبيذ ، مثلا إلحاقا بتسمية ، أي باسم مثل اسم الخمر موضوع المعين ، مثل ماء العنب المخصوص ، لأجل معنى ، مثل التخمير ، يستلزم ذلك المعنى الاسم وجودا وعدما ، أي متى وجد المعنى المذكور وجد الاسم ، ومتى عدم عدم ، [ أم لا ] ; لأنه هو القياس في اللغة .

والباقي قوله " بتسمية " متعلقة بقوله " يسمى " . والحاصل أن المراد من قولنا : إن اللغة لا تثبت قياسا أنه إذا سمي [ ص: 258 ] معين باسم ، ويوجد في ذلك المعين معنى يستلزم ذلك [ المعنى ] ذلك الاسم وجودا وعدما ، ثم وجد معين آخر مسكوت عنه ، ووجد المعنى المذكور فيه ، فلا يجوز أن يسمى [ المعين ] المسكوت عنه بذلك الاسم لأجل المعنى المستلزم لذلك الاسم . كما [ إذا ] سمي النبيذ بالخمر لأجل التخمير ، وهو الشدة المطربة المخمرة على العقل . وكما إذا سمي النباش بالسارق لأجل الأخذ خفية . وكما إذا سمي اللائط بالزاني لأجل الوطء المحرم .

قوله : إلا بنقل أو استقراء التعميم ، استثناء من قوله : " لا يسمى " أي لا يسمى المسكوت عنه باسم المعين لأجل المعنى المذكور ، لكن يسمى المسكوت عنه باسم المعين بسبب النقل والاستقراء الدالين على التعميم كما ذكرنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية